نتنياهو يلتقي برئيس المخابرات المصرية لدفع خطة ترامب بشأن غزة
تفيد تقارير إخبارية، تعود إلى فترات مختلفة من المناقشات حول مستقبل قطاع غزة، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد التقى مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل. كان الهدف الأساسي من هذه اللقاءات هو بحث سبل المضي قدماً في تطبيق أو تكييف خطة مرتبطة بإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي تخص مستقبل قطاع غزة. هذه المساعي الدبلوماسية تأتي في إطار الجهود الإقليمية والدولية المعقدة لإيجاد حلول دائمة للتحديات الأمنية والإنسانية والسياسية التي يواجهها القطاع.

خلفية الخطة الأمريكية ومسارها
تعود الخطة الأمريكية المشار إليها في العنوان، والمعروفة إعلامياً بـ “صفقة القرن” أو “خطة السلام الأمريكية”، إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي كشفت عنها رسمياً في يناير 2020. استهدفت هذه الخطة، بحسب الرؤية الأمريكية، تقديم إطار شامل للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مع التركيز على الجوانب الاقتصادية والأمنية. فيما يتعلق بقطاع غزة، تضمنت الخطة رؤى حول:
- نزع سلاح القطاع: وهو مطلب إسرائيلي أساسي لضمان الأمن.
 - التنمية الاقتصادية: من خلال استثمارات إقليمية ودولية ضخمة لتحسين الظروف المعيشية.
 - السيطرة الأمنية الإسرائيلية: الحفاظ على قدرة إسرائيل على التحرك الأمني في القطاع.
 - دور إقليمي: إشراك دول الجوار، مثل مصر، في الإشراف على الأمن وإعادة الإعمار.
 
لقد لاقت هذه الخطة رفضاً فلسطينياً واسعاً، حيث اعتبرها الفلسطينيون لا تلبي طموحاتهم في إقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ومع ذلك، بقيت بعض مبادئها، خاصة تلك المتعلقة بنزع السلاح والأمن الإقليمي، محط اهتمام الجانب الإسرائيلي وبعض الدوائر الأمريكية، لا سيما في سياق البحث عن حلول لـ “اليوم التالي” في غزة بعد التصعيدات الأخيرة.
أهداف اللقاء ومحاوره الرئيسية
إن لقاء نتنياهو بـ عباس كامل يعكس الأهمية الاستراتيجية للعلاقة المصرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بملف غزة. فمصر تلعب دوراً محورياً كدولة جوار ووسيط رئيسي بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. تركز المحادثات في مثل هذه الاجتماعات على عدة جوانب حيوية:
- الترتيبات الأمنية في غزة: بحث إمكانية تنفيذ آليات لنزع سلاح القطاع ومنع عودة سيطرة الفصائل المسلحة، وهو ما يتماشى مع رؤية خطة ترامب.
 - إعادة إعمار غزة: مناقشة آليات تمويل وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، وسبل إدخال المساعدات والمواد الضرورية.
 - المعابر الحدودية: تنسيق حول إدارة معبر رفح وغيره من المعابر لضمان تدفق المساعدات وتسهيل حركة الأفراد مع الحفاظ على الأمن.
 - البعد الإنساني: التأكيد على ضرورة تخفيف المعاناة الإنسانية لسكان القطاع وتجنب أي تصعيد يؤدي إلى تفاقم الأزمة.
 - منع التهجير القسري: تشدد مصر بشكل قاطع على رفض أي محاولات لتهجير سكان غزة قسراً، وتعتبر ذلك تهديداً للأمن القومي المصري.
 
يهدف الجانب الإسرائيلي من هذه اللقاءات إلى تأمين موافقة إقليمية ودولية على تصوراته لمستقبل غزة، والتي غالباً ما تتضمن نزع السلاح الكامل وإنشاء إدارة غير تابعة لحركة حماس، وربما بمشاركة دولية أو إقليمية. بينما تسعى مصر إلى الحفاظ على استقرار المنطقة، وتأمين حدودها، ومنع أي سيناريوهات تؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية أو الأمنية.
أهمية اللقاء وتداعياته المحتملة
تكتسب هذه الاجتماعات أهمية بالغة لعدة أسباب:
- الدبلوماسية الإقليمية: تشكل هذه اللقاءات قناة اتصال حيوية بين إسرائيل ومصر، وهما دولتان رئيسيتان في صياغة مستقبل المنطقة.
 - مستقبل غزة: أي تقدم في مناقشات حول “خطة ترامب” أو أي إطار آخر يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على مصير مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع.
 - الاستقرار الإقليمي: التوصل إلى تفاهمات حول غزة يمكن أن يساهم في تخفيف حدة التوتر في المنطقة ويقلل من احتمالات التصعيد.
 - الدور المصري: يؤكد اللقاء على الدور المحوري لمصر كوسيط وضامن للاستقرار، لا سيما في ملفات الهدنة وتبادل الأسرى ومستقبل غزة.
 
مع ذلك، فإن التحديات كبيرة؛ فالفجوة بين الرؤيتين الإسرائيلية والفلسطينية حول مستقبل غزة لا تزال عميقة، وتتطلب أي خطة شاملة توافقاً فلسطينياً داخلياً، ودعماً دولياً واسعاً، وهو ما لم يتحقق لخطة ترامب الأصلية. إن مجرد دفع جوانب معينة من هذه الخطة يتطلب مرونة دبلوماسية كبيرة وقدرة على التوفيق بين المصالح المتضاربة.
التحديات والآفاق المستقبلية
تبقى العوائق أمام تنفيذ أي خطة متكاملة لغزة متعددة ومعقدة. أبرز هذه التحديات تشمل:
- الرفض الفلسطيني: لا يزال هناك رفض فلسطيني واسع لأي خطة لا تضمن حقهم في تقرير المصير ودولة مستقلة.
 - الضمانات الأمنية الإسرائيلية: تصر إسرائيل على ضمانات أمنية صارمة، وهو ما قد يتعارض مع سيادة الفلسطينيين.
 - الانقسام الفلسطيني: استمرار الانقسام بين الفصائل الفلسطينية يعقد من إمكانية التوصل إلى صوت موحد يمثل الشعب الفلسطيني.
 - الدعم الدولي: تتطلب أي خطة ناجحة دعماً مالياً وسياسياً دولياً واسع النطاق، وهو ما قد يكون صعب المنال في ظل الأزمات العالمية المتعددة.
 
إن اللقاءات بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والمصريين، مثل اجتماع نتنياهو وعباس كامل، هي جزء لا يتجزأ من مسار طويل وشاق نحو إيجاد حلول مستدامة لغزة. وعلى الرغم من أن “خطة ترامب” قد تكون مجرد نقطة انطلاق أو مجموعة مبادئ يجري تعديلها، إلا أن استمرار الحوار يعكس محاولة الحفاظ على قنوات الاتصال الفعالة في منطقة تشهد تحولات جيوسياسية سريعة.




