قوى فلسطينية في إسطنبول تؤكد: لا وصاية على غزة وحكمها للفلسطينيين
في خطوة سياسية بارزة، عُقد اجتماع في مدينة إسطنبول التركية خلال شهر أبريل 2024، جمع وفودًا من فصائل فلسطينية رئيسية، أبرزها حركتا فتح وحماس. هدف اللقاء إلى بلورة موقف فلسطيني موحد بشأن مستقبل قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، حيث أفضت المباحثات إلى تأكيد مشترك على رفض أي شكل من أشكال الوصاية الدولية أو الإقليمية على القطاع، مشددة على أن إدارة شؤونه يجب أن تكون فلسطينية خالصة.

خلفية اللقاء وسياقه السياسي
يأتي هذا الاجتماع في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتزايد النقاشات الدولية والإقليمية حول سيناريوهات "اليوم التالي" للحرب. وقد طُرحت على الساحة الدولية عدة مقترحات تتضمن نشر قوات عربية أو دولية في القطاع، أو إخضاعه لإدارة مدنية مؤقتة تحت إشراف خارجي، وهي أفكار قوبلت برفض قاطع من معظم الأطياف السياسية الفلسطينية. وفي هذا السياق، سعى اللقاء إلى استباق أي ترتيبات خارجية قد تُفرض على الفلسطينيين، وتقديم رؤية وطنية موحدة لمستقبل الحكم في غزة.
أبرز مخرجات الاجتماع
تمحورت النقاشات حول ضرورة التوافق على رؤية مشتركة لإدارة المرحلة المقبلة، وقد تم الاتفاق على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تشكل خارطة طريق للمستقبل، ومن أهمها:
- رفض الوصاية الخارجية: أكد المجتمعون بشكل قاطع أن مستقبل غزة يقرره الفلسطينيون وحدهم، مع رفض أي وجود عسكري أو إداري أجنبي على أرض القطاع تحت أي مسمى.
 - وحدة الأراضي الفلسطينية: شدد البيان الختامي على أن قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، هي وحدة جغرافية وسياسية واحدة، ورفض أي خطط تهدف إلى فصل القطاع عن باقي الأراضي الفلسطينية.
 - تشكيل حكومة توافق وطني: ناقش الحاضرون أهمية تشكيل حكومة كفاءات وطنية تكون مهمتها الإشراف على إعادة إعمار غزة، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، والتحضير لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية.
 - إعادة تفعيل منظمة التحرير: جرى الاتفاق على ضرورة إصلاح وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل جميع القوى والفصائل، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
 
الأهمية والدلالات
تكمن أهمية اجتماع إسطنبول في كونه يمثل محاولة جادة لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني المستمرة منذ عام 2007، وتقديم جبهة موحدة في مواجهة التحديات المصيرية. إن مجرد جلوس حركتي فتح وحماس على طاولة واحدة لمناقشة مستقبل الحكم يُعتبر تطورًا لافتًا، ويعكس إدراكًا متزايدًا لدى الطرفين بأن الانقسام يضعف الموقف الفلسطيني ويفتح الباب أمام التدخلات الخارجية. كما يبعث اللقاء برسالة واضحة للمجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، مفادها أن أي حل لمستقبل غزة لا يحظى بموافقة فلسطينية هو حل مصيره الفشل. وعلى الرغم من هذه الخطوة الإيجابية، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام تطبيق هذه التفاهمات على أرض الواقع، في ظل استمرار الحرب وغياب آليات واضحة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.




