تركيا تبحث المشاركة في قوة دولية بغزة وسط معارضة إسرائيلية
تزايدت في الأيام الأخيرة التقارير الإعلامية التي تشير إلى أن تركيا تدرس بجدية إمكانية المشاركة في قوة دولية متعددة الجنسيات لحفظ الاستقرار في قطاع غزة بعد انتهاء الصراع الحالي. وتأتي هذه الخطوة المحتملة في سياق الجهود الدولية الرامية إلى وضع تصور لمستقبل إدارة القطاع، إلا أنها تواجه رفضاً قاطعاً من جانب إسرائيل، مما يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد الجيوسياسي في المنطقة.

تفاصيل المقترح التركي
وفقاً لمصادر إعلامية تركية، فإن أنقرة تبحث الانضمام إلى قوة مهام خاصة تهدف إلى ضمان الأمن والإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية وعمليات إعادة الإعمار في غزة. لا يُنظر إلى هذه القوة على أنها قوة تابعة للأمم المتحدة بالضرورة، بل كتحالف دولي قد يضم دولاً إسلامية أخرى. ويُستشهد بنموذج قوة حفظ السلام في كوسوفو (KFOR) كمثال محتمل للهيكل التنظيمي والتشغيلي لهذه المهمة. الهدف الأساسي المعلن هو منع حدوث فراغ أمني في القطاع وتسهيل عودة الحياة المدنية بشكل منظم.
مواقف الأطراف المعنية
تتباين ردود الفعل على هذا المقترح بشكل حاد بين الأطراف الرئيسية المعنية بالصراع:
- الموقف التركي: ترى أنقرة في هذه المشاركة فرصة لتعزيز دورها الإقليمي كوسيط وقوة مؤثرة، بالإضافة إلى إظهار دعمها للقضية الفلسطينية. ويأتي هذا الطرح متسقاً مع الخطاب السياسي للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي انتقد بشدة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
 - الموقف الإسرائيلي: تعارض إسرائيل بشدة أي دور عسكري أو أمني تركي في غزة. ويستند هذا الرفض إلى العلاقات المتوترة تاريخياً بين البلدين، خاصة في ظل حكومة أردوغان، ودعم أنقرة لحركة حماس التي تعتبرها إسرائيل منظمة إرهابية. ويرى المسؤولون الإسرائيليون أن وجود قوات تركية قد يشكل تهديداً أمنياً مباشراً.
 - موقف حماس: لم يصدر عن الحركة موقف رسمي نهائي، لكنها أكدت في مناسبات عدة رفضها لأي وجود عسكري أجنبي في غزة دون موافقة فلسطينية شاملة. ومع ذلك، قد تكون الحركة أكثر تقبلاً لوجود قوات من دول حليفة مثل تركيا مقارنة بقوات غربية.
 
السياق والخلفية الدبلوماسية
تأتي هذه التطورات في ظل علاقات متأزمة بين تركيا وإسرائيل منذ سنوات، وتحديداً منذ حادثة سفينة "مافي مرمرة" في عام 2010. ورغم فترات من التحسن النسبي في العلاقات، إلا أن الحرب الحالية في غزة أعادت التوترات إلى ذروتها. تمتلك تركيا، كعضو في حلف الناتو، خبرة واسعة في مهام حفظ السلام الدولية، حيث شاركت في بعثات سابقة في الصومال ولبنان وأفغانستان، وهو ما تعتبره أنقرة رصيداً يؤهلها للقيام بدور مماثل في غزة. إلا أن الخلافات السياسية العميقة مع إسرائيل تقف كعقبة أساسية أمام تحقيق ذلك.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذه الأنباء في أنها تسلط الضوء على الصراع الدبلوماسي المحتدم حول ترتيبات "اليوم التالي" للحرب في غزة. إن أي قرار بشأن تشكيل قوة دولية سيتطلب توافقاً صعب المنال بين القوى الإقليمية والدولية. وفي حال مضت تركيا قدماً في مساعيها رغم المعارضة الإسرائيلية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات الإقليمية، بينما قد يفتح نجاحها في الانضمام لمثل هذه القوة الباب أمام تغيير موازين القوى في المنطقة وتعزيز النفوذ التركي بشكل كبير.





