مقترح مصري قيد الدراسة في إسرائيل لنقل مسلحين إلى مناطق سيطرة حماس
أفادت مصادر مطلعة في أواخر عام 2023 بأن إسرائيل كانت تدرس بجدية مقترحًا دبلوماسيًا قدمته مصر، يهدف إلى معالجة وضع تكتيكي معقد في قطاع غزة. المقترح كان يتمحور حول السماح لمسلحين فلسطينيين، كانوا محاصرين من قبل القوات الإسرائيلية في مناطق محددة، بالانسحاب والانتقال إلى مناطق أخرى لا تزال تحت سيطرة حركة حماس. هذه المبادرة، التي جاءت في خضم العمليات العسكرية، قُدمت كحل محتمل لإنهاء مواجهة خطيرة وتجنب المزيد من إراقة الدماء.

خلفية التطورات الميدانية
جاء هذا المقترح في الأسابيع التي تلت هجوم حماس على بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، وما تبعه من توغل بري واسع للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. ومع تقدم القوات الإسرائيلية، تمكنت من فرض سيطرتها على مناطق وعزل أخرى، مما أدى إلى حصار مجموعات من المسلحين في جيوب معزولة. وقد خلق هذا الوضع مواجهات متوترة شكلت خطرًا كبيرًا على المقاتلين والمدنيين الذين كانوا عالقين في تلك المناطق.
كان السياق المباشر للمقترح مرتبطًا بما وصفه الجيش الإسرائيلي بـ"الخط الأصفر"، وهو لم يكن حاجزًا ماديًا بل خطًا عملياتيًا تم تحديده لإدارة التقدم العسكري. المسلحون الذين وجدوا أنفسهم على الجانب الإسرائيلي من هذا الخط كانوا في وضع حرج، حيث واجهوا خيار الاستسلام أو القتال حتى النهاية.
تفاصيل المقترح المصري
وفقًا للمعلومات المتداولة، فإن الخطة التي قدمتها مصر، التي تلعب دورًا تاريخيًا كوسيط في الصراع، تضمنت إنشاء "ممر آمن". الفكرة الجوهرية كانت السماح لهؤلاء المسلحين المحاصرين بالخروج من مواقعهم وعبور "الخط الأصفر" إلى مناطق أعمق في القطاع لا تزال تحت سيطرة حماس. وأشارت المصادر إلى أن أهداف المبادرة المصرية كانت متعددة الأوجه، وأبرزها:
- تجنب معركة دموية ومكلفة في منطقة مكتظة، كان من شأنها أن تؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح من كلا الجانبين.
 - حماية أرواح المدنيين الفلسطينيين الذين قد يجدون أنفسهم في مرمى النيران خلال أي مواجهة شاملة.
 - توفير حل عملي وسلمي لمأزق عسكري معقد على الأرض، مما قد يفسح المجال لتهدئة موضعية.
 
تم نقل المقترح عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة، مما يعكس الجهود المصرية المستمرة لاحتواء تصاعد العنف والبحث عن فرص لخفض التوتر، حتى لو كان ذلك على مستوى تكتيكي ومحدود.
الموقف الإسرائيلي والمداولات الداخلية
فور تلقي المقترح، بدأت القيادة السياسية والمؤسسة الأمنية في إسرائيل بدراسة أبعاده بعناية. حملت الخطة في طياتها مزايا محتملة ومخاطر كبيرة في آن واحد. فمن جهة، كان قبول المقترح سيمكن الجيش الإسرائيلي من تأمين منطقة عملياتية بأقل قدر من المقاومة والخسائر، وهو ما يتماشى مع هدف تكتيكي يتمثل في تطهير منطقة دون الانخراط في قتال شرس من منزل إلى منزل.
من جهة أخرى، كانت هناك اعتراضات قوية على الفكرة. كان أحد الأهداف الاستراتيجية الرئيسية للعملية العسكرية الإسرائيلية هو تفكيك القدرات العسكرية لحماس. وبالتالي، فإن السماح لمقاتلين مسلحين بالانسحاب وإعادة تجميع صفوفهم في مكان آخر داخل غزة كان يُنظر إليه من قبل البعض على أنه يتعارض بشكل مباشر مع هذا الهدف الأوسع. عكس التردد في اتخاذ قرار نهائي حجم التعقيد الذي واجه صناع القرار في إسرائيل، حيث كان عليهم الموازنة بين مكسب تكتيكي فوري وخسارة استراتيجية محتملة على المدى الطويل.
الأهمية والتداعيات المحتملة
إن مجرد وجود مثل هذا المقترح كان ذا دلالة كبيرة، حيث أظهر أن القنوات الدبلوماسية الخلفية كانت لا تزال نشطة، وأن جهات فاعلة إقليمية مثل مصر كانت تسعى للتأثير على مسار الأحداث. كما سلط الضوء على التحديات المعقدة التي واجهها الجيش الإسرائيلي على الأرض، حيث أدت العمليات العسكرية إلى خلق معضلات إنسانية وتكتيكية لم يكن حلها ممكنًا دائمًا بالقوة العسكرية وحدها. لو تم قبول المقترح، لكان من الممكن أن يشكل سابقة لترتيبات مماثلة لخفض التصعيد في مناطق أخرى. أما رفضه أو تجاهله، فقد كان مؤشرًا على إصرار إسرائيل على حسم هذه المواجهات بالوسائل العسكرية، بغض النظر عن التكلفة المحتملة.




