مشروع قرار أميركي يدعو مجلس الأمن لنزع سلاح حماس حال عدم التسليم الطوعي
في أواخر عام 2023 أو أوائل عام 2024، برز على الساحة الدبلوماسية الدولية مقترح أميركي مهم لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يهدف إلى معالجة الوضع الأمني المعقد في قطاع غزة والمنطقة الأوسع. يتمحور المشروع حول دعوة مجلس الأمن إلى اتخاذ خطوات تهدف إلى نزع سلاح حركة حماس، وهي المنظمة التي تسيطر على قطاع غزة، في حال لم تقم بتسليم أسلحتها وقدراتها العسكرية طواعية. يعكس هذا التحرك الرغبة الأميركية في دفع حلول أمنية طويلة الأمد في سياق الصراع المتفاقم.
الخلفية
تأتي أهمية هذا المشروع في أعقاب التصعيد الكبير الذي شهدته المنطقة بدءًا من أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تضمنت هجمات واسعة النطاق شنتها حركة حماس ضد إسرائيل. تبع ذلك رد عسكري إسرائيلي شامل في قطاع غزة بهدف معلن هو تفكيك القدرات العسكرية لحماس وتحرير الرهائن. وقد أسفر هذا الصراع عن أزمة إنسانية كارثية في غزة، وتزايدت الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وتوفير المساعدات. لطالما كانت الولايات المتحدة داعمًا رئيسيًا لإسرائيل، وعملت على صياغة حلول دبلوماسية معقدة في الأمم المتحدة، غالبًا ما واجهت فيها تحديات بسبب الانقسامات داخل مجلس الأمن. فشلت عدة مسودات قرارات سابقة في الحصول على الإجماع المطلوب، مما يسلط الضوء على حساسية القضية.
التفاصيل الرئيسية للمشروع
يركز مشروع القرار الأميركي بشكل خاص على ضرورة نزع سلاح حركة حماس كجزء أساسي من أي ترتيبات أمنية مستقبلية. ويضع شرط «التسليم الطوعي» للأسلحة كعنصر حاسم، مما يشير إلى مسار محتمل لتجنب المواجهة المسلحة الكاملة، وإن كان ذلك يبدو غير مرجح في ظل الظروف الراهنة. تهدف واشنطن من خلال هذا المقترح إلى تحقيق عدة أهداف:
- ضمان الأمن الإسرائيلي: معالجة المخاوف الأمنية لإسرائيل من خلال تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس.
 - تحقيق الاستقرار الإقليمي: المساهمة في إرساء أسس لاستقرار أطول أمد في غزة والمنطقة.
 - جزء من خطة أوسع: قد يكون هذا المشروع جزءًا من رؤية أميركية أكبر لمرحلة ما بعد الصراع في غزة، تتضمن ترتيبات للحكم وإعادة الإعمار والأمن.
 
إن تحديد شرط التسليم الطوعي يسعى لتقديم مخرج نظري لحماس، ولكنه في الوقت نفسه يضع عبء اتخاذ القرار على عاتق الحركة، ويعطي شرعية دولية محتملة لأي إجراءات مستقبلية قد تتخذ لفرض هذا النزع.
ردود الفعل المتوقعة
من المتوقع أن يثير هذا المشروع ردود فعل متباينة وحادة من مختلف الأطراف:
- الولايات المتحدة: تبرز هذه الخطوة كجهد دبلوماسي أميركي لإعادة تشكيل الواقع الأمني في غزة، وتقديم رؤية واشنطن لحل جزء من المشكلة.
 - إسرائيل: من المرجح أن تدعم إسرائيل هذا المشروع بقوة، حيث يتوافق بشكل مباشر مع أهدافها المعلنة في تفكيك القدرات العسكرية لحماس وضمان أمنها.
 - حماس: من المؤكد أن ترفض الحركة هذا المطلب، وستعتبره محاولة لنزع سلاح المقاومة، مما يعرضها للتهديدات الإسرائيلية.
 - السلطة الفلسطينية: قد يكون موقفها معقدًا؛ ففي حين أنها تعارض سيطرة حماس، إلا أنها قد ترفض أي قرار لا يتضمن أيضًا أفقًا سياسيًا لدولة فلسطينية أو يغفل قضية الاحتلال.
 - الدول الأعضاء في مجلس الأمن الأخرى:
- روسيا والصين: قد تعربان عن تحفظات أو تستخدمان حق النقض (الفيتو) إذا رأتا أن المشروع لا يعالج بشكل متوازن القضايا الأوسع للصراع، مثل الاحتلال الإسرائيلي أو الحقوق الفلسطينية، أو إذا اعتبرتاه متحيزًا.
 - الدول الأوروبية: قد تسعى إلى تعديل المشروع ليشمل جوانب إنسانية أو يؤكد على الحاجة إلى عملية سياسية شاملة تقود إلى حل الدولتين.
 - الدول العربية: من المتوقع أن تعارضه بشدة إذا اقتصر على نزع سلاح حماس دون معالجة القضايا الأساسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
 
 
الآثار المحتملة والتحديات
يواجه مشروع القرار تحديات كبيرة في مساره نحو التنفيذ العملي، وحتى في مجرد إقراره:
- قابلية التنفيذ: من الصعب جدًا نزع سلاح منظمة مثل حماس دون تعاون كامل منها، خاصة في منطقة حرب معقدة.
 - الجمود السياسي: يواجه المشروع خطر الفشل في الحصول على الأصوات الكافية أو مواجهة حق النقض في مجلس الأمن، مما يسلط الضوء على الانقسامات العميقة حول القضية الفلسطينية.
 - التداعيات على المفاوضات: قد يعقد تمرير قرار أحادي الجانب من هذا النوع أي مفاوضات مستقبلية لتحقيق السلام الشامل إذا اعتبرته الأطراف الأخرى غير متوازن أو غير قابل للتطبيق.
 - الأمن طويل الأمد: يطرح السؤال حول ما إذا كان نزع سلاح حماس وحده كافياً لضمان سلام مستدام دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع والاحتلال والظروف التي تغذي ظهور مثل هذه الجماعات.
 
يعتبر هذا المشروع خطوة دبلوماسية مهمة تعكس التوجه الأميركي نحو إحداث تغيير في الوضع الأمني لقطاع غزة، لكنه يواجه عقبات كبيرة على الصعيدين الدبلوماسي والعملي، ومن المرجح أن يكون مصيره مرهونًا بتوافقات دولية أوسع يصعب تحقيقها في الوقت الراهن.



