الكونغرس الأمريكي يضغط على قادة السودان لإعادة مسار الانتقال الديمقراطي
تزايدت الضغوط من الكونغرس الأمريكي على القادة العسكريين في السودان، في أعقاب الإجراءات التي اتخذوها والتي أدت إلى تعطيل مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد. وقد عبر أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري عن قلقهم العميق، مطالبين بالعودة الفورية إلى الحكم المدني واحترام تطلعات الشعب السوداني.

خلفية الأزمة السياسية
اندلعت الأزمة الحالية في السودان في 25 أكتوبر 2021، عندما أعلن قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد وحل مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء. كما تم اعتقال رئيس الوزراء آنذاك، عبد الله حمدوك، إلى جانب عدد من الوزراء والمسؤولين المدنيين. جاءت هذه الخطوة لتقوض اتفاق تقاسم السلطة الذي تم التوصل إليه بين المكونين العسكري والمدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في عام 2019، والذي كان يهدف إلى قيادة البلاد نحو انتخابات ديمقراطية.
موقف الكونغرس الأمريكي
كان رد الفعل من واشنطن، وخاصة من الكونغرس، قوياً وحاسماً. أدان المشرعون الأمريكيون بشدة ما وصفوه بـ "الانقلاب العسكري"، محذرين من أن هذه الإجراءات تهدد بإلغاء التقدم الذي أحرزه السودان في علاقاته مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. تركزت المطالب الرئيسية للمشرعين على عدة نقاط أساسية:
- العودة الفورية للحكم المدني: طالب أعضاء الكونغرس بضرورة إعادة الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون فوراً ودون شروط.
- الإفراج عن المعتقلين السياسيين: كانت هناك دعوات متكررة للإفراج عن جميع المسؤولين الحكوميين والناشطين السياسيين الذين تم اعتقالهم خلال الأحداث.
- التهديد بفرض عقوبات: لوّح عدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب بإمكانية فرض عقوبات شخصية على القادة العسكريين المسؤولين عن تقويض الديمقراطية، بالإضافة إلى مراجعة المساعدات الأمريكية المقدمة للسودان.
- وقف العنف ضد المتظاهرين: أعرب المشرعون عن قلقهم البالغ إزاء استخدام القوة المفرطة ضد الاحتجاجات السلمية التي خرجت رفضاً للإجراءات العسكرية، وطالبوا بضمان سلامة المتظاهرين.
التداعيات على العلاقات الثنائية
جاءت هذه التطورات في وقت حرج للعلاقات الأمريكية-السودانية. فقبل أشهر قليلة من هذه الأحداث، كانت الولايات المتحدة قد رفعت اسم السودان رسمياً من قائمتها للدول الراعية للإرهاب، وهي خطوة فتحت الباب أمام الخرطوم للحصول على مساعدات مالية وإعفاء من الديون من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. حذر الكونغرس من أن استيلاء الجيش على السلطة يعرض هذه المكاسب للخطر، حيث تم بالفعل تجميد مساعدات اقتصادية أمريكية كبيرة كانت مخصصة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان.
أهمية الموقف الأمريكي
تعتبر الضغوط التي يمارسها الكونغرس الأمريكي عاملاً مهماً نظراً للنفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة على الساحة الدولية. فإلى جانب المساعدات المباشرة، يمكن لموقف واشنطن أن يؤثر بشكل كبير على قرارات المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة الأخرى. ويرى مراقبون أن الموقف الأمريكي الموحد، إلى جانب الضغوط الدولية الأخرى، يهدف إلى عزل القادة العسكريين في السودان ومنعهم من ترسيخ سلطتهم، ودفعهم نحو استئناف الحوار مع القوى المدنية لإعادة البلاد إلى مسارها الديمقراطي الذي بدأ بعد ثورة ديسمبر المجيدة.




