المتحف المصري الكبير يعرض أقدم أثر صنعته يد إنسان في مصر عمره 700 ألف عام
أعلن المتحف المصري الكبير مؤخراً عن عرض قطعة أثرية فريدة تعد أقدم أداة حجرية صنعها الإنسان تم اكتشافها على أرض مصر، حيث يقدر عمرها بحوالي 700 ألف عام. هذه القطعة، وهي عبارة عن فأس يدوية، تمثل دليلاً مادياً على الوجود البشري في منطقة وادي النيل خلال العصور الحجرية السحيقة، مما يضيف عمقاً تاريخياً هائلاً للحضارة المصرية يمتد إلى ما هو أبعد من العصر الفرعوني المعروف.

خلفية الاكتشاف وأهميته التاريخية
تمثل القطعة الأثرية، وهي فأس يدوية من الحجر الصوان، نموذجاً للأدوات التي استخدمها الإنسان في العصر الحجري القديم الأسفل، وتحديداً خلال الفترة الآشولية. عُثر على هذه الفأس في منطقة العباسية بالقاهرة، وهي منطقة معروفة بغناها بالرواسب التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ. وتكمن أهميتها الاستثنائية في عمرها الذي تم تحديده، والذي يسبق أقدم النقوش والآثار المعروفة في مصر بمئات آلاف السنين. هذا الاكتشاف لا يؤرخ فقط لأول وجود بشري مؤكد في مصر، بل يقدم أيضاً لمحة عن القدرات المعرفية والمهارات اليدوية لأسلافنا الأوائل، وقدرتهم على تطويع الطبيعة لصناعة أدوات تساعدهم على البقاء.
العرض المتحفي والسياق الحضاري
يأتي عرض هذه الفأس اليدوية ضمن سياق السرد التاريخي الشامل الذي يهدف المتحف المصري الكبير إلى تقديمه. فبينما يشتهر المتحف بكنوز الملك توت عنخ آمون والآثار الفرعونية المهيبة، يسعى القائمون عليه إلى عرض قصة الحضارة على أرض مصر بشكل متكامل، تبدأ من عصور ما قبل التاريخ. تم وضع القطعة في قاعة عصور ما قبل التاريخ، والتي تأخذ الزوار في رحلة عبر الزمن لاستكشاف كيف تطورت الحياة البشرية على ضفاف النيل. يهدف هذا العرض إلى تحقيق عدة أهداف، منها:
- إبراز العمق التاريخي لمصر الذي يمتد إلى ما هو أبعد من الحضارة الفرعونية.
 - توفير سياق تطوري لفهم الأدوات والتقنيات التي مهدت الطريق لنشوء الحضارة المصرية القديمة.
 - تعزيز مكانة المتحف كمركز عالمي لدراسة وعرض التاريخ البشري وليس فقط التاريخ المصري القديم.
 
الدلالات العلمية والأثرية
من الناحية العلمية، تقدم هذه الفأس دليلاً حاسماً للباحثين في مجال علم الإنسان القديم والتطور البشري. إن وجود مثل هذه الأداة المتطورة نسبياً في مصر قبل 700 ألف عام يدعم النظريات المتعلقة بمسارات الهجرات البشرية المبكرة من إفريقيا إلى باقي أنحاء العالم. كما أنها تساهم في فهمنا للبيئة القديمة في شمال إفريقيا وكيفية تكيف المجموعات البشرية معها. إن تحليل تقنية صنع الفأس، ونوع الحجر المستخدم، ومقارنتها بأدوات مشابهة من مواقع أخرى في إفريقيا والشام، يفتح آفاقاً جديدة للبحث في شبكات التواصل والهجرات خلال العصر الحجري القديم. ويؤكد عرضها في المتحف المصري الكبير على أهمية ربط البحث العلمي الأكاديمي بالوعي الثقافي العام، مما يتيح للجمهور فرصة نادرة للتواصل المباشر مع أقدم فصول قصة الإنسان على أرض مصر.



