المحكمة الاقتصادية تؤيد حبس البلوغر هدير عبد الرازق عامين في قضية المحتوى المخل بالآداب
أصدرت محكمة مستأنف الجنح الاقتصادية في القاهرة، اليوم، حكمها النهائي في القضية التي تواجهها البلوغر هدير عبد الرازق، حيث قضت بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة، والذي يقضي بحبسها لمدة عامين وتغريمها مبلغ 100 ألف جنيه. يأتي هذا الحكم ليضع حداً لمسار التقاضي في قضيتها التي أثارت اهتماماً واسعاً، والتي تتعلق باتهامات نشر محتوى رقمي اعتُبر خادشاً للحياء ومخالفاً لقيم المجتمع المصري.

خلفية القضية وتفاصيل الاتهامات
بدأت فصول القضية عندما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على هدير عبد الرازق بناءً على تحريات الإدارة العامة لحماية الآداب، التي رصدت قيامها بإنشاء وإدارة حسابات إلكترونية عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل "تيك توك" و"إنستغرام". ووجهت لها النيابة العامة اتهامات رسمية استناداً إلى القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
تركزت الاتهامات الموجهة إليها حول نشرها مقاطع فيديو وصوراً اعتُبرت ذات طبيعة تحريضية، بهدف تحقيق نسب مشاهدة عالية وجني أرباح مالية. وأفادت التحقيقات أن المحتوى الذي كانت تقدمه يتضمن إيحاءات خادشة للحياء العام، ويتنافى مع المبادئ والقيم الأسرية للمجتمع المصري، وهو ما يشكل، بحسب الادعاء، جريمة جنائية يعاقب عليها القانون.
مسار التقاضي من الحكم الأولي إلى الاستئناف
بعد اكتمال التحقيقات، أُحيلت القضية إلى محكمة الجنح الاقتصادية، التي نظرت في الأدلة المقدمة من النيابة، بما في ذلك مقاطع الفيديو المصورة والمرفقة بملف القضية. في وقت سابق، أصدرت محكمة أول درجة حكمها بإدانة المتهمة، وقضت بحبسها لمدة عامين مع الشغل والنفاذ، بالإضافة إلى إلزامها بدفع غرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه مصري.
دفاعاً عن نفسها، تقدمت هدير عبد الرازق باستئناف على الحكم الصادر، مطالبة بإلغائه. واستند فريق دفاعها في مرافعاته إلى أن المحتوى المقدم من موكلتهم لم يكن يحمل نية جنائية، وأنه قد أُسيء فهمه أو تم إخراجه من سياقه، وأن الهدف منه لم يكن التحريض على الفسق والفجور كما ورد في الاتهامات.
الحكم النهائي لمحكمة الاستئناف وتأييد العقوبة
عُقدت جلسة النطق بالحكم في محكمة مستأنف الجنح الاقتصادية، اليوم، وبعد مداولات، قررت المحكمة قبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. وبموجب هذا القرار، تم تأييد الحكم الابتدائي بكافة تفاصيله، لتصبح العقوبة بحبس هدير عبد الرازق لمدة عامين والغرامة المالية نهائية وواجبة النفاذ. ويُعد هذا الحكم بمثابة الكلمة الأخيرة من القضاء في هذه المرحلة من التقاضي، مؤكداً على إدانتها بالتهم المنسوبة إليها.
السياق العام وأهمية الحكم
تندرج قضية هدير عبد الرازق ضمن سلسلة من القضايا المماثلة التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة ضد عدد من صناع المحتوى والمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، والتي عُرفت إعلامياً بقضايا "فتيات تيك توك". تعكس هذه القضايا توجهاً من السلطات لفرض رقابة على المحتوى الرقمي الذي يُعتبر مخالفاً للآداب العامة والقيم المجتمعية التقليدية.
يثير هذا الحكم، وغيره من الأحكام المماثلة، جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والمجتمعية حول حدود حرية التعبير على الإنترنت، والتوازن بين حماية القيم الأخلاقية للمجتمع والحفاظ على الحريات الشخصية. بينما يرى البعض أن هذه الأحكام ضرورية لردع السلوكيات التي تهدد النسيج الاجتماعي، يعتبرها آخرون قيداً على الإبداع والتعبير الفردي في الفضاء الرقمي.





