انتخابات رئاسة بلدية نيويورك: إريك آدامز يفوز بمنصب العمدة في سباق حاسم
في انتخابات حظيت بمتابعة واسعة، حسم رئيس بروكلين السابق والنقيب المتقاعد في شرطة نيويورك، إريك آدامز، السباق الانتخابي ليفوز بمنصب عمدة مدينة نيويورك في نوفمبر 2021. جاءت هذه الانتخابات في فترة حرجة للمدينة التي كانت تسعى للتعافي من تداعيات جائحة كوفيد-19، وشهدت نقاشات محتدمة حول قضايا الأمن العام، والعدالة الاجتماعية، والتعافي الاقتصادي. كما تميزت هذه الدورة بكونها الأولى التي يُستخدم فيها نظام التصويت الترتيبي في الانتخابات التمهيدية، مما أضاف طبقة من التعقيد والترقب للنتائج.

خلفية الانتخابات وسياقها
أُجريت انتخابات 2021 لاختيار خليفة للعمدة بيل دي بلاسيو الذي أكمل فترتين في المنصب. كانت نيويورك تواجه تحديات غير مسبوقة؛ فالمدينة التي كانت يوماً مركزاً عالمياً نابضاً بالحياة، عانت من إغلاقات واسعة، وفقدان للوظائف، وزيادة ملحوظة في معدلات الجريمة، مما جعل قضايا السلامة العامة والنهوض الاقتصادي على رأس أولويات الناخبين. شكلت هذه الانتخابات استفتاءً على التوجه الذي يجب أن تسلكه المدينة للخروج من أزمتها، سواء كان ذلك عبر تبني سياسات أكثر تقدمية أو العودة إلى نهج أكثر تقليدية يركز على فرض القانون والنظام.
المرشحون الرئيسيون والقضايا المحورية
نظراً لكون مدينة نيويورك معقلاً للحزب الديمقراطي، كانت الانتخابات التمهيدية للحزب هي المنافسة الحقيقية التي تحدد هوية العمدة القادم. وشهدت هذه الانتخابات التمهيدية مشاركة عدد كبير من المرشحين البارزين، لكل منهم رؤيته الخاصة لمستقبل المدينة. كان من أبرز هؤلاء المرشحين:
- إريك آدامز: الذي بنى حملته على خبرته المزدوجة كرجل شرطة سابق وناشط إصلاحي، واعداً بتحقيق التوازن بين مكافحة الجريمة ومعالجة قضايا الظلم العنصري في جهاز الشرطة. ركز خطابه على ضرورة استعادة الشعور بالأمان في شوارع المدينة.
- كاثرين غارسيا: المسؤولة السابقة في عدة إدارات بالمدينة، قدمت نفسها كمديرة كفؤة قادرة على جعل أجهزة المدينة تعمل بفعالية، وحظيت بدعم من كبريات الصحف المحلية.
- مايا وايلي: محامية الحقوق المدنية التي مثلت الجناح التقدمي في الحزب، ودعت إلى إعادة تخصيص جزء من ميزانية الشرطة لصالح الخدمات الاجتماعية، وحظيت بدعم شخصيات بارزة مثل النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز.
في المقابل، كان المرشح الجمهوري هو كيرتس سليوا، مؤسس منظمة "الحراس الملائكة" (Guardian Angels)، الذي ركز حملته أيضاً على قضية مكافحة الجريمة. هيمنت على الحملات الانتخابية قضايا محورية مثل كيفية إصلاح الشرطة، وإنعاش قطاع الأعمال والسياحة، ومعالجة أزمة الإسكان، وتحسين نظام التعليم العام.
نظام التصويت الترتيبي والنتائج النهائية
للمرة الأولى في تاريخ انتخابات رئاسة البلدية، استخدمت نيويورك نظام "التصويت بالاختيار المصنف" أو التصويت الترتيبي في الانتخابات التمهيدية. يتيح هذا النظام للناخبين ترتيب ما يصل إلى خمسة مرشحين حسب الأفضلية. إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات في الجولة الأولى، يتم استبعاد المرشح الحاصل على أقل عدد من الأصوات وتوزيع أصواته على اختيارات الناخبين التالية، وتتكرر هذه العملية حتى يبقى مرشحان فقط، ويفوز من يحصل على أغلبية الأصوات.
أدت هذه الآلية إلى سباق تمهيدي ديمقراطي متقارب للغاية وطويل. بعد فرز الأصوات الأولية، كان إريك آدامز متقدماً، لكن الفارق كان ضئيلاً. وبعد جولات عديدة من إعادة توزيع الأصوات بموجب النظام الجديد، تم إعلان فوز آدامز بفارق ضئيل جداً على كاثرين غارسيا. وفي الانتخابات العامة التي جرت في 2 نوفمبر 2021، حقق آدامز فوزاً سهلاً ومتوقعاً على منافسه الجمهوري كيرتس سليوا، ليصبح ثاني عمدة من أصول أفريقية في تاريخ نيويورك.
أهمية المنصب وتداعيات الفوز
يُعتبر منصب عمدة نيويورك أحد أهم المناصب التنفيذية في الولايات المتحدة، حيث يدير رئيس البلدية ميزانية ضخمة ويشرف على أكبر قوة شرطة وأكبر نظام مدارس عامة في البلاد. جاء فوز إريك آدامز ليعكس رغبة شريحة واسعة من الناخبين في تبني نهج أكثر اعتدالاً يركز على السلامة العامة كأولوية قصوى. وقد فُسّر انتصاره على أنه رفض للتيارات الأكثر يسارية داخل الحزب الديمقراطي، وتأكيد على أن سكان المدينة، رغم ميولهم الليبرالية، لا يزالون يعطون الأولوية للأمن والاستقرار في حياتهم اليومية.





