انتهاكات الدعم السريع تجبر أكثر من 4500 شخص على النزوح في شمال كردفان
شهدت ولاية شمال كردفان خلال الأيام القليلة الماضية موجة نزوح جديدة واسعة النطاق، حيث أُجبر ما يزيد عن 4,500 مدني على الفرار من منازلهم في محلية بارا والقرى المحيطة بها. وتأتي هذه التطورات المأساوية في ظل تدهور حاد في الأوضاع الأمنية، حيث يتجه النازحون بشكل أساسي نحو مدينة الأبيض، عاصمة الولاية، بحثًا عن ملاذ آمن، مما يضيف ضغوطًا هائلة على الموارد المحدودة في المدينة ويفاقم الأزمة الإنسانية القائمة في السودان.

تفاصيل موجة النزوح الأخيرة
تركزت عمليات النزوح الأخيرة، التي جرت في أواخر سبتمبر 2024، في القرى الواقعة ضمن محلية بارا، وهي منطقة استراتيجية تقع شمال مدينة الأبيض. وأفادت مصادر محلية وشهود عيان بأن التحركات السكانية بدأت بشكل متسارع بعد تصاعد الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على مناطقهم. اضطر السكان، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، إلى ترك ممتلكاتهم ومصادر رزقهم والانطلاق في رحلة محفوفة بالمخاطر نحو الأبيض، التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني وتعتبر أكثر أمانًا نسبيًا.
الأسباب المباشرة للنزوح: انتهاكات متصاعدة
يعود السبب الرئيسي وراء هذه الموجة من النزوح إلى الممارسات والانتهاكات الممنهجة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها حول بارا. وقد وثقت تقارير ميدانية أنشطة عدائية متزايدة تهدف إلى إخضاع السكان وتهجيرهم قسريًا. وتشمل هذه الانتهاكات:
- القيام بهجمات مباشرة وعشوائية على القرى الآمنة، مما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين.
- عمليات نهب وسلب واسعة النطاق للممتلكات الخاصة، بما في ذلك المنازل والمحاصيل الزراعية والمواشي.
- فرض إتاوات وضرائب غير قانونية على المواطنين تحت تهديد السلاح.
- خلق حالة من الرعب وانعدام الأمن، مما جعل بقاء السكان في منازلهم أمرًا مستحيلًا.
هذه الممارسات لا تشكل فقط انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي، بل تعد جزءًا من استراتيجية أوسع للسيطرة على الأراضي وتغيير التركيبة السكانية في مناطق النزاع.
الوضع الإنساني وتحديات الاستجابة
يواجه النازحون الجدد عند وصولهم إلى مدينة الأبيض أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة. فالمدينة تستضيف بالفعل أعدادًا كبيرة من النازحين من مناطق أخرى في كردفان، وتعاني بنيتها التحتية من ضغط شديد. يفتقر الوافدون الجدد إلى أبسط مقومات الحياة، بما في ذلك المأوى الملائم والغذاء الكافي والمياه النظيفة والرعاية الصحية. وتعمل منظمات إغاثية محلية ومتطوعون على تقديم المساعدات الطارئة، لكن حجم الاحتياجات يفوق بكثير القدرات المتاحة، خاصة مع صعوبة وصول المساعدات الدولية إلى المنطقة بسبب الحصار المفروض على المدينة من قبل الدعم السريع.
خلفية الصراع في كردفان
تتمتع ولاية شمال كردفان بأهمية استراتيجية كبرى في الصراع الدائر في السودان منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. فالولاية تعد حلقة وصل حيوية بين العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور غربًا. ومنذ بداية الحرب، سعت قوات الدعم السريع إلى السيطرة على مدينة الأبيض ومطارها الاستراتيجي، وفرضت حصارًا مطولًا عليها. وفي حين يسيطر الجيش على المدينة، تنتشر قوات الدعم السريع في المناطق الريفية المحيطة بها، بما في ذلك أجزاء واسعة من محلية بارا، وتستخدمها كقاعدة لشن هجماتها وممارسة ضغوطها على السكان المحليين.




