انطلاق فعاليات النسخة الثانية عشرة من المناورة الوطنية القطرية للأمن السيبراني
استهلت دولة قطر، أمس الأحد، أعمال النسخة الثانية عشرة من المناورة الوطنية للأمن السيبراني، وذلك برعاية الوكالة الوطنية للأمن السيبراني. يُعد هذا التمرين من أكبر المناورات السيبرانية على المستوى الوطني، ويُعقد هذا العام تحت شعار "هجمات عابرة للحدود"، بمشاركة واسعة من جهات ومؤسسات حيوية في مختلف القطاعات، بهدف تعزيز الجاهزية الدفاعية الرقمية للدولة.

أهمية المناورة وسياقها الزمني
تأتي هذه المناورة في ظل مشهد عالمي يتسم بالتزايد المستمر لتهديدات الأمن السيبراني وتعقيدها، مما يبرز الحاجة الماسة للدول لتعزيز دفاعاتها الرقمية وتحصين بنيتها التحتية الحيوية. على مدار إحدى عشرة نسخة سابقة، أثبتت المناورات الوطنية القطرية للأمن السيبراني دورها المحوري في تطوير القدرات الوطنية لمواجهة هذه التحديات المتغيرة. تهدف هذه الفعاليات السنوية إلى اختبار جاهزية البنية التحتية الرقمية للدولة وقدرتها على الاستجابة السريعة والفعالة للهجمات السيبرانية المعقدة والمتطورة.
تُمثل النسخة الثانية عشرة استمرارًا لالتزام قطر الراسخ بتعزيز أمنها السيبراني، خاصة في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تشهده كافة القطاعات في الدولة. يُسهم هذا الجهد الوطني في تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، التي تركز بشكل كبير على بناء مجتمع معلوماتي آمن ومزدهر يدعم النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
أهداف المناورة ومحاورها الأساسية
تركز المناورة هذا العام على سيناريوهات "هجمات عابرة للحدود"، وهو ما يشير إلى محاكاة هجمات إلكترونية متطورة قد تنطلق من خارج الحدود الوطنية، وتستهدف البنى التحتية الحيوية مثل شبكات الطاقة، والمؤسسات المالية، وأنظمة الاتصالات، والخدمات الحكومية. تشمل الأهداف الرئيسية لهذه النسخة ما يلي:
- اختبار وتعزيز جاهزية الجهات الوطنية المختلفة في التعامل مع التهديدات السيبرانية المعقدة والمستمرة التي قد تواجهها الدولة.
- تقييم فعالية خطط الاستجابة للحوادث السيبرانية وتحديثها بناءً على الدروس المستفادة والنتائج المحققة خلال التمرين.
- تحسين مستوى التنسيق والتعاون بين المؤسسات الحكومية والخاصة المشاركة في حماية الفضاء السيبراني للدولة، لضمان استجابة موحدة ومتكاملة.
- تحديد الثغرات الأمنية المحتملة في الأنظمة والشبكات الحالية، والعمل على معالجتها بشكل استباقي قبل استغلالها من قبل المهاجمين.
- تطوير مهارات الكوادر الوطنية في مجالات الأمن السيبراني المتعددة، بما في ذلك الكشف عن الهجمات، والتحقيق الجنائي الرقمي، والاستجابة السريعة والتعافي.
المشاركون ودور الوكالة الوطنية للأمن السيبراني
تشهد المناورة مشاركة واسعة النطاق من مختلف القطاعات الحيوية في الدولة، مما يعكس الأهمية القصوى للأمن السيبراني الشامل. يضم المشاركون ممثلين عن المؤسسات الحكومية، وشركات الطاقة والمياه، والبنوك والمؤسسات المالية، وقطاع الاتصالات، ومؤسسات الرعاية الصحية، وغيرها من الجهات التي تعتمد بشكل كبير على البنية التحتية الرقمية. تضمن هذه المشاركة الشاملة تمثيلًا حقيقيًا للبيئة السيبرانية الوطنية، مما يثري سيناريوهات التدريب ويجعلها أكثر واقعية وفعالية.
تتولى الوكالة الوطنية للأمن السيبراني دورًا محوريًا في تنظيم المناورة، بدءًا من تصميم سيناريوهاتها المعقدة، ومرورًا بالإشراف على تنفيذها، وصولًا إلى تقييم أداء الفرق المشاركة. كما تقوم الوكالة بتقديم التوجيهات اللازمة، وتجميع الدروس المستفادة، وتحديد أفضل الممارسات لتعزيز الاستراتيجيات والسياسات الوطنية للأمن السيبراني بشكل مستمر. يُبرز هذا الدور القيادي التزام الوكالة ببناء قدرات دفاعية سيبرانية قوية ومستدامة تحمي مصالح الدولة.
الآفاق المستقبلية للمناورات السيبرانية
يُتوقع أن تسفر هذه المناورة عن تحديد نقاط القوة والضعف في الدفاعات السيبرانية الوطنية القائمة، مما سيمكّن الجهات المعنية من اتخاذ إجراءات تصحيحية وتحسينية فورية. ستُسهم النتائج والتوصيات المنبثقة عن هذا التمرين في صياغة استراتيجيات أمن سيبراني أكثر فعالية وتأقلماً مع التهديدات المتغيرة، بما يضمن مرونة واستمرارية الخدمات الأساسية في الدولة.
تُعد المناورات السيبرانية الدورية ركيزة أساسية في استراتيجية قطر لضمان أمنها الرقمي وحماية مصالحها الوطنية في الفضاء السيبراني، بما يضمن استمرارية الخدمات الأساسية وحماية بيانات المواطنين والمقيمين من أي اختراقات أو هجمات مستقبلية.



