انطلقت فعاليات الدورة الأولى من تظاهرة "شيختنا.. فن" الثقافية، التي تنظمها كل من دار الثقافة أحمد خيرالدين ودار الثقافة ابن زيدون على مدار يومي الأول والثاني من شهر نوفمبر الجاري. تهدف هذه المبادرة إلى ترسيخ دور الثقافة كركيزة أساسية لإحداث تغيير مجتمعي حقيقي وملموس، وذلك عبر تقديم برامج ثقافية وفنية متنوعة ترمي إلى مكافحة السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، مع التركيز بشكل خاص على ظاهرة الإدمان في الأحياء الشعبية، واتخاذ أحياء باب العسل وجبل الأحمر كنموذج تطبيقي لهذا المسعى.

تأتي هذه الفعالية في سياق جهود مؤسسات المجتمع المدني والمراكز الثقافية لمد جسور التواصل مع الفئات الشبابية، وتقديم بدائل إيجابية تساعد على دمجهم في نسيج المجتمع بفاعلية. يسعى المنظمون من خلال "شيختنا.. فن" إلى توفير بيئة محفزة للإبداع والتعبير الفني، معتقدين أن الفن قادر على أن يكون أداة قوية للوعي والوقاية من السلوكيات الهدامة.
خلفية وأهمية المبادرة
تُعد ظاهرة الإدمان والسلوكيات الخطرة تحديًا اجتماعيًا معقدًا يواجه العديد من المجتمعات، خاصة في الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية والمحدودة الفرص. تسعى دارا الثقافة، بمنظورهما المتجدد، إلى تجاوز الدور التقليدي المتمثل في تنظيم الأنشطة الترفيهية، لتصبحا فاعلتين في معالجة القضايا الاجتماعية الملحة. إن اختيار الفن والثقافة كأداة لمكافحة الإدمان ينبع من إيمان راسخ بقدرتهما على:
- بناء الوعي: من خلال الروايات الفنية والورش التفاعلية التي تسلط الضوء على مخاطر الإدمان وسبل الوقاية منه.
- تعزيز التعبير الذاتي: تمكين الشباب من التعبير عن أنفسهم ومشاعرهم بطرق إبداعية صحية، مما يقلل من الحاجة للجوء إلى سلوكيات سلبية.
- بناء القدرات: تزويد المشاركين بمهارات جديدة في مجالات الفنون المختلفة، مما يفتح آفاقًا جديدة لهم ويشغل أوقات فراغهم بما هو مفيد.
- تعزيز الانتماء المجتمعي: إشراك الأفراد في أنشطة جماعية تعزز حس الانتماء والتعاون وتكسر حلقات العزلة.
تؤكد هذه الدورة الأولى على التزام المنظمين بمعالجة قضايا المجتمع من جذورها، وتقديم حلول مستدامة تعتمد على الموارد الثقافية والفنية المتاحة.
تفاصيل الأنشطة والبرامج
تتضمن تظاهرة "شيختنا.. فن" برنامجًا مكثفًا ومتنوعًا يهدف إلى إشراك شرائح واسعة من الجمهور، وخاصة الشباب والأطفال. يشتمل البرنامج على:
- ورشات فنية تطبيقية: تغطي مجالات متعددة مثل الرسم، النحت، الموسيقى، والمسرح. تتيح هذه الورش للمشاركين فرصة لتعلم مهارات فنية جديدة وتطوير مواهبهم تحت إشراف متخصصين.
- عروض فنية حية: يقدمها فنانون محليون ومجموعات شبابية، تتناول مواضيع تتعلق بالوقاية من الإدمان وأهمية الاختيارات الإيجابية في الحياة، وذلك بأسلوب إبداعي وجذاب.
- ندوات تثقيفية وحوارات مفتوحة: يديرها خبراء في علم النفس الاجتماعي، والأخصائيون في مجال مكافحة الإدمان، وشخصيات ثقافية. تهدف هذه الجلسات إلى فتح نقاشات بناءة حول أسباب الإدمان وطرق علاجه، ودور الأسرة والمجتمع في الوقاية.
- معارض فنية: لعرض أعمال المشاركين في الورشات الفنية، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويوفر لهم منصة لعرض إبداعاتهم.
لقد تم تصميم كل نشاط بعناية ليكون تفاعليًا وموجهًا نحو تحقيق الأهداف الرئيسية للتظاهرة، مع ضمان أن تكون التجربة ممتعة ومثرية لجميع المشاركين.
التطلعات والآفاق المستقبلية
يطمح منظمو تظاهرة "شيختنا.. فن" إلى أن تكون هذه الدورة الأولى بمثابة انطلاقة لسلسلة من الفعاليات الثقافية المستدامة التي تخدم أهداف التنمية المجتمعية. يتوقع أن تسهم المبادرة في:
- تقليل نسب السلوكيات الخطرة والإدمان: من خلال رفع مستوى الوعي وتوفير بدائل إيجابية.
- تمكين الشباب: عبر تزويدهم بالمهارات والأدوات اللازمة للتعبير عن أنفسهم واتخاذ قرارات حياتية سليمة.
- تعزيز الترابط الاجتماعي: بناء جسور الثقة والتعاون بين أفراد المجتمع والمؤسسات الثقافية.
- إلهام مبادرات مشابهة: لتوسيع نطاق العمل الثقافي الهادف إلى معالجة القضايا الاجتماعية في مناطق أخرى.
إن نجاح هذه الدورة سيفتح الأبواب أمام شراكات مستقبلية وتوسع في البرامج، ليصبح الفن والثقافة جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات الوقاية والعلاج المجتمعي، مؤكدًا على أن الثقافة ليست رفاهية بل ضرورة لنمو المجتمعات وتطورها نحو مستقبل أكثر إشراقًا وصحة.




