مخرج حفل المتحف الكبير يرد على الجدل والانتقادات الموجهة للفعالية
رد المخرج أحمد المرسي على موجة الانتقادات الواسعة التي طالت حفل "مئوية توت عنخ آمون" الذي أُقيم أمام المتحف المصري الكبير في أواخر عام 2022. وقد أثارت الفعالية جدلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الثقافية المصرية، حيث اعتبرها الكثيرون بعيدة عن الروح المصرية القديمة، مما دفع المخرج إلى توضيح رؤيته الفنية والدفاع عن اختياراته الإبداعية.

خلفية الحدث وسقف التوقعات
جاءت فعالية الاحتفال بمرور 100 عام على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون كحدث عالمي يهدف إلى الترويج للسياحة ولصرح المتحف المصري الكبير قبيل افتتاحه الرسمي. إلا أن هذا الحدث جاء في أعقاب النجاح الباهر لفعالية "موكب المومياوات الملكية" في عام 2021، والتي حظيت بإشادة عالمية ومحلية واسعة بسبب طابعها المهيب والتزامها بالدقة التاريخية والاحترام العميق للتراث المصري. هذا النجاح السابق رفع سقف التوقعات لدى الجمهور المصري الذي كان ينتظر عرضاً لا يقل جودةً وأصالةً.
محور الجدل والانتقادات
تركزت الانتقادات التي وجهت لحفل مئوية توت عنخ آمون على عدة نقاط أساسية، شعر الجمهور من خلالها بأن العرض لم يعكس الهوية المصرية بالشكل المأمول. ويمكن تلخيص أبرز هذه الانتقادات في النقاط التالية:
- الطابع الفني الغربي: رأى كثيرون أن العرض تبنى رؤية فنية ذات طابع "غربي" أو "هوليوودي"، تفتقر إلى الأصالة والعمق الحضاري المصري، وبدت أقرب إلى عروض الفانتازيا العالمية منها إلى احتفالية بتاريخ الفراعنة.
- تصميم الأزياء والمظهر: كانت أزياء المشاركين والمشاركات في العرض من أكثر النقاط إثارة للجدل، حيث وُصفت بأنها غير تاريخية ولا تمت بصلة للملابس المصرية القديمة، بالإضافة إلى اختيار عارضين وعارضات بملامح لا تعكس التنوع المصري.
- غياب الروح المصرية: شعر المنتقدون بغياب "الروح المصرية" التي كانت حاضرة بقوة في موكب المومياوات، حيث غلب على الحفل الجديد طابع استعراضي صاخب بدلاً من الأجواء الوقورة التي تليق بعظمة المناسبة.
- الموسيقى التصويرية: لم تسلم الموسيقى المستخدمة من النقد، حيث اعتبرها البعض غير متناغمة مع هوية الحدث التاريخي.
رد المخرج وتوضيحاته
في مواجهة هذه الانتقادات، قدم المخرج أحمد المرسي توضيحات مفصلة لرؤيته، مؤكداً أن مقارنة هذا الحفل بموكب المومياوات الملكية هي مقارنة في غير محلها. وأوضح المرسي أن لكل حدث طبيعته الخاصة، فموكب المومياوات كان حدثاً جنائزياً مهيباً بطبيعته، يقتضي الوقار والجدية، وهو ما تم تقديمه بنجاح. أما احتفالية توت عنخ آمون، فقد أرادها أن تكون "أسطورة" أو "فانتازيا" بصرية تحتفي بالحدث بشكل مختلف.
وأضاف أن الهدف كان تقديم عرض فني عالمي الطابع يتجاوز حدود التوثيق التاريخي، ويخاطب الأجيال الجديدة والجمهور الدولي بلغة بصرية معاصرة ومبهرة. وأكد أن الاختيارات الفنية، بما في ذلك الأزياء والموسيقى، كانت مقصودة لخدمة هذه الرؤية الخيالية للاحتفال، والتي لا تهدف إلى إعادة تمثيل التاريخ بشكل حرفي، بل إلى استلهام أسطورة الملك الذهبي وتقديمها في قالب فني مبتكر.
الأهمية والسياق الأوسع
تكمن أهمية هذا الجدل في أنه يعكس وعياً مجتمعياً متزايداً بأهمية الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية وتقديمها للعالم بشكل دقيق ومحترم. كما يُظهر النقاش الذي دار حول الحفل مدى ارتباط المصريين بتاريخهم القديم وحرصهم على أن تكون الفعاليات الوطنية الكبرى معبرة عن أصالة هذه الحضارة. وقد فتح هذا الحدث باب النقاش حول التوازن المطلوب بين الحرية الإبداعية في الفن، والمسؤولية الثقافية عند التعامل مع التراث الوطني، خاصة في الفعاليات التي تمثل صورة مصر أمام العالم.





