جدل واسع حول تأثير موسم الرياض وتركي آل الشيخ على صدارة المتحف المصري الكبير إعلامياً
شهدت الساحة الإعلامية والرقمية العربية، وتحديداً في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020، نقاشاً واسعاً وجدلاً محتدماً تمحور حول تضاؤل الاهتمام الإعلامي المتوقع بمناسبات افتتاح المتحف المصري الكبير (GEM)، في ظل تزامن ذلك مع الحملات الترويجية الضخمة التي صاحبت فعاليات موسم الرياض الترفيهي. وقد وجهت اتهامات لرئيس الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية، تركي آل الشيخ، بأن استراتيجيات التسويق المكثفة لموسم الرياض قد أسهمت في تحويل الأنظار عن هذا الصرح الثقافي العالمي.

السياق العام وأهمية المتحف المصري الكبير
يُعد المتحف المصري الكبير، الواقع بالقرب من أهرامات الجيزة، أحد أضخم المشاريع الثقافية والأثرية في العالم. يمثل هذا الصرح أيقونة حضارية تجسد عظمة التاريخ المصري الممتد لآلاف السنين، وهو مصمم لاستضافة وعرض كنوز الحضارة المصرية القديمة، بما في ذلك المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون. لقد استغرقت عملية بناء المتحف وتجهيزه سنوات طويلة بتكلفة باهظة، وكان العالم بأسره يترقب افتتاحه الكبير الذي كان يُنتظر أن يكون حدثاً عالمياً بامتياز، يسلط الضوء على الإرث الثقافي العريق لمصر ويضعها في صدارة المشهد السياحي والثقافي العالمي.
صعود موسم الرياض ودور تركي آل الشيخ
في المقابل، برز موسم الرياض كواحد من أبرز مبادرات الهيئة العامة للترفيه في السعودية، ضمن رؤية المملكة 2030 الهادفة لتنويع مصادر الدخل وتطوير قطاعي السياحة والترفيه. تولى قيادة هذه الهيئة تركي آل الشيخ، الذي اشتهر بأسلوبه الديناميكي وحملاته التسويقية الجريئة والواسعة النطاق. وقد ضخ الموسم ميزانيات ضخمة جداً في الترويج لفعالياته المتنوعة التي شملت حفلات موسيقية عالمية، عروضاً ترفيهية، ومناطق جذب سياحي، مستهدفاً جمهوراً واسعاً داخل المملكة وخارجها. وقد نجحت هذه الحملات في تصدر قائمة «الترند» على منصات التواصل الاجتماعي في عدد من الدول العربية والعالمية، ما عكس قوة الدفع الإعلامي التي حظي بها الموسم.
جوهر الجدل: المنافسة على الصدارة الإعلامية
تمركز جوهر الجدل حول التوقيت الذي تزامنت فيه ذروة الحملات الدعائية لموسم الرياض مع الفترات التي كان من المتوقع أن يحظى فيها المتحف المصري الكبير باهتمام إعلامي كبير، سواء بمناسبة الافتتاحات الجزئية (الافتتاح التجريبي) أو التجهيزات النهائية لافتتاحه الكامل. لم يكن "الفشل" المزعوم يتعلق بجودة إنشاء المتحف أو جاهزيته، بل بالقدرة على جذب الانتباه الإعلامي والرقمي الذي استأثر به موسم الرياض بقوة. فبينما كان المتحف يمثل إرثاً حضارياً عالمياً يستحق الصدارة، كانت خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي والزخم الترويجي الضخم لموسم الرياض يدفعان الأخير لتصدر المشهد العام.
أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان هذا التزامن مقصوداً، أو مجرد نتيجة طبيعية لآليات التسويق الحديثة التي تعتمد على الاستحواذ على انتباه الجمهور في فضاء رقمي شديد التنافسية. واعتبر البعض أن الحملات الموجهة من قبل تركي آل الشيخ لموسم الرياض أدت إلى تهميش غير مقصود للمتحف المصري الكبير على الساحة الإعلامية، خاصة في سياق الترندات الرقمية التي تعكس الاهتمامات اللحظية للجمهور.
ردود الأفعال والآثار
تباينت ردود الأفعال على هذا الجدل عبر مختلف الأوساط. في مصر، عبّر العديد من المثقفين والإعلاميين عن استيائهم من تراجع مكانة المتحف في الأحاديث العامة والترندات الرقمية مقارنة بموسم الرياض. وقد تم تفسير ذلك كنوع من المنافسة غير المتكافئة بين حدث ثقافي ذي عمق تاريخي ومبادرة ترفيهية عصرية تعتمد على التسويق المكثف.
- المدافعون عن المتحف: أكدوا أن القيمة الجوهرية للمتحف المصري الكبير لا تتأثر بالترندات أو الاهتمام الإعلامي العابر، فهو يمثل إرثاً لا يزول.
- منتقدو آل الشيخ: اعتبروا أن التركيز المفرط على الترفيه الموجه قد يأتي على حساب تسليط الضوء على المعالم الثقافية والتاريخية التي تمثل قيمة أعمق للمنطقة.
- الرأي الآخر: أشار إلى أن لكل فعالية جمهورها الخاص وأهميتها، وأن التنافس على الصدارة الإعلامية أمر طبيعي في عصر السرعة والتسويق الرقمي.
تكمن أهمية هذا الجدل في تسليطه الضوء على التحديات التي تواجه المؤسسات الثقافية التقليدية في الحفاظ على مكانتها الإعلامية في مواجهة الحملات الترفيهية العصرية ذات الميزانيات الضخمة. كما أبرز كيفية تشكيل وسائل التواصل الاجتماعي للاجندة العامة وتحديد ما "يتصدر" الاهتمام الجماهيري، مما يطرح تساؤلات حول أولويات التركيز الإعلامي في المنطقة ومدى التوازن بين الترفيه والتراث الثقافي العريق.





