بن غفير يؤكد على سيادة إسرائيل في رسالة لترامب بشأن مستقبل الضفة الغربية
في تصريحات حديثة أثارت جدلاً واسعاً، وجه وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، رسالة سياسية إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مؤكداً على أن إسرائيل دولة ذات سيادة ولن تخضع لضغوط خارجية فيما يتعلق بقراراتها المصيرية، وعلى رأسها قضية ضم أجزاء من الضفة الغربية. جاءت هذه التصريحات في سياق مقارنته بين سياسات إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، التي يصفها بالضعيفة، وتوقعاته من إدارة جمهورية محتملة بقيادة ترامب.

تفاصيل التصريحات وسياقها
أدلى بن غفير بتصريحاته خلال مقابلة صحفية في أوائل فبراير 2024، حيث انتقد بشكل مباشر تعامل إدارة بايدن مع الحرب في غزة. وأشار إلى أنه لو كان ترامب في السلطة، لكان سلوك الولايات المتحدة مختلفاً تماماً، ولكانت إسرائيل قد تلقت دعماً مطلقاً بدلاً من التركيز على المساعدات الإنسانية والوقود لغزة، والتي يعتقد أنها تصل في النهاية إلى حركة حماس. الرسالة الأساسية التي سعى بن غفير لإيصالها هي أن إسرائيل لا تحتاج إلى إذن من أي دولة لاتخاذ قرارات تتعلق بأمنها ومستقبلها، بما في ذلك فرض السيادة الإسرائيلية على ما يسميه "يهودا والسامرة"، وهو الاسم التوراتي للضفة الغربية.
وتطرقت التصريحات أيضاً إلى رفضه القاطع لأي سيناريو يتضمن الإفراج عن القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي، المحكوم بالسجن المؤبد في إسرائيل، كجزء من أي تسوية مستقبلية أو لتولي قيادة السلطة الفلسطينية. ويأتي هذا الرفض في إطار الموقف المتشدد الذي يتبناه بن غفير وحزبه "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية) تجاه أي تنازلات للفلسطينيين.
خلفية العلاقة مع الإدارتين الأمريكية
تكتسب تصريحات بن غفير أهميتها من التباين الواضح في سياسات الإدارتين الديمقراطية والجمهورية تجاه إسرائيل. خلال فترة رئاسة دونالد ترامب بين عامي 2017 و2021، شهدت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تقارباً غير مسبوق، تمثل في عدة قرارات تاريخية:
- الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
- الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
- صياغة خطة السلام المعروفة بـ "صفقة القرن"، التي كانت تمنح إسرائيل الضوء الأخضر لضم المستوطنات وغور الأردن في الضفة الغربية.
في المقابل، أعادت إدارة جو بايدن التأكيد على حل الدولتين كسياسة رسمية للولايات المتحدة، وعبرت مراراً عن معارضتها لتوسيع المستوطنات وأي خطوات أحادية الجانب قد تقوض فرص السلام. كما شهدت الفترة الأخيرة توترات بين الحكومتين بشأن أسلوب إدارة الحرب في غزة وحماية المدنيين، وفرضت واشنطن عقوبات على مستوطنين متطرفين متهمين بممارسة العنف في الضفة الغربية، مما زاد من حنق اليمين المتطرف في إسرائيل.
التداعيات وردود الفعل
داخلياً، أثارت تصريحات بن غفير انتقادات من قبل شخصيات في المعارضة الإسرائيلية، مثل يائير لابيد وبيني غانتس، الذين اتهموه بالإضرار بالعلاقات الاستراتيجية والحيوية مع الولايات المتحدة، الحليف الأهم لإسرائيل. ويرى منتقدوه أن تدخله في السياسة الداخلية الأمريكية عبر تفضيل مرشح على آخر هو سلوك غير مسؤول يعرض أمن إسرائيل للخطر. من ناحية أخرى، تعكس هذه التصريحات نفوذ اليمين المتطرف المتزايد داخل حكومة بنيامين نتنياهو، والضغط المستمر الذي يمارسه لتنفيذ أجندته الأيديولوجية.
على الصعيد الدولي، يُنظر إلى هذه التصريحات على أنها مؤشر على المسار الذي قد تتخذه إسرائيل في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، والذي قد يشمل تسريع وتيرة الاستيطان وربما إحياء خطط الضم، مما سيؤدي حتماً إلى تفاقم الصراع مع الفلسطينيين وتحدي الإجماع الدولي.
الأهمية الاستراتيجية للخبر
تكمن أهمية هذه التطورات في أنها تكشف عن عمق الانقسام الأيديولوجي داخل إسرائيل وتأثيره المباشر على سياستها الخارجية. كما أنها تسلط الضوء على كيف أصبحت العلاقة مع الولايات المتحدة رهينة للسياسات الحزبية في كلا البلدين. إن رسالة بن غفير ليست مجرد رأي شخصي، بل هي تعبير عن رؤية سياسية تسعى إلى إعادة تعريف مفهوم السيادة الإسرائيلية بمعزل عن الضغوط الدولية، خاصة فيما يتعلق بمستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يحمل في طياته تداعيات جيوسياسية كبرى على استقرار منطقة الشرق الأوسط.





