تأهب عالمي لاقتراب عاصفة شمسية قد تؤثر على شبكات الاتصالات وأنظمة الملاحة
أصدرت وكالات الطقس الفضائي العالمية تحذيرات خلال الساعات الأخيرة بشأن عاصفة شمسية قوية تتجه نحو الأرض، مع توقعات بأن تبدأ تأثيراتها في الظهور قريباً. وقد صنفت هذه العاصفة على أنها من الفئات المتقدمة، مما يثير مخاوف من حدوث اضطرابات واسعة النطاق في البنية التحتية التكنولوجية التي يعتمد عليها العالم الحديث، بما في ذلك شبكات الكهرباء والاتصالات اللاسلكية وأنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS).

ما طبيعة هذا الحدث الفلكي؟
تنشأ هذه العواصف الشمسية، المعروفة علمياً بالعواصف الجيومغناطيسية، نتيجة للانفجارات الهائلة على سطح الشمس، وتحديداً من خلال ما يسمى بـ "الانبعاثات الكتلية الإكليلية" (CMEs). تتسبب هذه الظاهرة في قذف كميات هائلة من الجسيمات المشحونة والمجالات المغناطيسية في الفضاء بسرعات فائقة. وعندما يتجه هذا التدفق نحو الأرض، فإنه يتفاعل مع الغلاف المغناطيسي لكوكبنا، وهو الدرع الطبيعي الذي يحمينا من الإشعاع الفضائي، مما يؤدي إلى حدوث هذه العواصف الجيومغناطيسية.
وفقاً لبيانات مركز التنبؤ بالطقس الفضائي (SWPC) التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، فإن النشاط الشمسي الحالي يأتي من بقعة شمسية نشطة للغاية، والتي أطلقت عدة توهجات قوية أدت إلى الانبعاث الكتلي المتجه نحو الأرض.
التأثيرات المحتملة على الأرض
على الرغم من أن العواصف الشمسية لا تشكل خطراً مباشراً على صحة الإنسان على سطح الأرض، إلا أن تأثيرها على التكنولوجيا يمكن أن يكون كبيراً ومتنوعاً. تتضمن أبرز المخاطر المحتملة ما يلي:
- شبكات الطاقة الكهربائية: يمكن للتيارات الجيومغناطيسية المستحثة (GICs) أن تتدفق عبر خطوط نقل الكهرباء الطويلة، مما قد يؤدي إلى إجهاد المحولات والتسبب في انقطاعات واسعة للتيار الكهربائي أو مشاكل في استقرار الشبكة.
- أنظمة الاتصالات: تتأثر الاتصالات اللاسلكية عالية التردد (HF)، التي تستخدمها الطائرات والسفن في المناطق القطبية، بشكل كبير. قد تواجه هذه الأنظمة انقطاعات تامة خلال ذروة العاصفة.
- الملاحة عبر الأقمار الصناعية: يمكن أن تؤدي الاضطرابات في طبقة الأيونوسفير إلى إضعاف دقة أنظمة الملاحة العالمية مثل GPS، وهو ما قد يؤثر على قطاعات النقل والشحن والزراعة الدقيقة.
- عمليات الأقمار الصناعية: تتعرض الأقمار الصناعية في المدار لخطر متزايد بسبب الجسيمات عالية الطاقة التي قد تلحق الضرر بإلكترونياتها، بالإضافة إلى زيادة السحب الجوي على الأقمار الصناعية في المدارات المنخفضة، مما يتطلب تعديل مساراتها لتجنب السقوط.
السياق العلمي وجهود المراقبة
يأتي هذا النشاط المتزايد في إطار اقتراب الشمس من ذروة دورتها الشمسية الحالية، المعروفة باسم الدورة الشمسية 25. وتستمر كل دورة شمسية حوالي 11 عاماً، وتتميز فترات الذروة بزيادة في عدد البقع الشمسية والتوهجات والانبعاثات الكتلية الإكليلية. وتعمل الوكالات العالمية، مثل NOAA ووكالة ناسا، على مدار الساعة لمراقبة الشمس وتوفير تنبؤات دقيقة لمساعدة مشغلي البنية التحتية الحيوية على اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة للتخفيف من حدة التأثيرات المحتملة. وفي الوقت نفسه، تقدم هذه الظواهر فرصة فريدة للعلماء لدراسة تفاعل الشمس مع الأرض بشكل أعمق.





