تامر بجاتو ينتقد المبالغة في عقود اللاعبين بالدوري المصري ويطالب باللعب المالي النظيف
تتجه أنظار المتابعين في الأوساط الكروية المصرية، في الآونة الأخيرة، نحو التحديات المالية التي تواجه الأندية المحلية، وخاصة ما يتعلق بقيمة عقود اللاعبين. وفي هذا السياق، برزت تصريحات تامر بجاتو، نجم النادي الأهلي السابق، التي انتقد فيها ما وصفه بالمبالغة في هذه العقود، داعيًا إلى تطبيق مبادئ اللعب المالي النظيف لضمان استدامة وتطور منظومة كرة القدم المصرية. تصريحات بجاتو هذه جاءت لتعكس قلقًا متناميًا بين العديد من الخبراء بشأن التكاليف المتزايدة للاعبين والتأثير المحتمل لذلك على الاستقرار المالي للأندية.

خلفية الانتقاد
يُعد تامر بجاتو أحد الأسماء المعروفة في تاريخ الكرة المصرية، حيث لعب في صفوف النادي الأهلي وقدم مستويات متميزة قبل أن يتجه إلى التحليل الفني والإعلام الكروي. وتأتي انتقاداته في فترة تشهد فيها كرة القدم المصرية ارتفاعًا ملحوظًا في قيمة عقود اللاعبين، سواء للاعبين المحليين أو الأجانب، وهو ما أثار جدلاً واسعًا حول مدى تناسب هذه الأرقام مع الأداء الفعلي للاعبين أو الإيرادات الحقيقية للأندية. وقد عبر العديد من المحللين الرياضيين عن مخاوفهم من أن هذه الزيادات غير المستدامة قد تؤدي إلى مشاكل مالية كبيرة للأندية، مما يؤثر سلبًا على قدرتها على الاستثمار في البنية التحتية وتطوير المواهب الشابة.
تفاصيل الانتقاد والتأثير المالي
أشار بجاتو، خلال تصريحاته، إلى أن حتى "أفضل لاعب في مصر" قد لا يستحق المبالغ الطائلة التي تُدفع في عقود اللاعبين، والتي قد تتجاوز حاجز 3 ملايين جنيه مصري سنويًا في بعض الحالات، مشددًا على أن هذه الأرقام مبالغ فيها مقارنة بالمستويات الفنية المقدمة والقيمة التسويقية الفعلية للاعبين في الدوري المصري الممتاز. وتتضمن أبرز نقاط انتقاده ما يلي:
- فجوة الأداء والسعر: هناك تباين واضح بين ما يتقاضاه بعض اللاعبين وما يقدمونه من أداء داخل الملعب، مما يضع أعباء مالية غير مبررة على الأندية.
- تأثير على الأندية الصغيرة: تعاني الأندية ذات الميزانيات المحدودة من صعوبة التنافس في سوق الانتقالات، حيث لا تستطيع مجاراة الأندية الكبيرة في دفع الرواتب المرتفعة، مما يؤثر على عدالة المنافسة.
- الاستدامة المالية: يشكل الإنفاق المبالغ فيه على الرواتب تهديدًا مباشرًا للاستدامة المالية للأندية، وقد يدفع بعضها نحو الديون المتراكمة أو حتى الإفلاس.
ويؤكد بجاتو أن هذه الظاهرة لا تقتصر على عدد قليل من اللاعبين، بل أصبحت توجهًا عامًا في سوق الانتقالات المصري، مما يستدعي تدخلاً لتصحيح المسار.
الحل المقترح: اللعب المالي النظيف
في ضوء هذه التحديات، دعا تامر بجاتو إلى ضرورة تطبيق مبدأ اللعب المالي النظيف (Financial Fair Play - FFP) بشكل فعال في الدوري المصري. يهدف هذا المبدأ، المستوحى من قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، إلى ضمان تحقيق الأندية للتوازن بين إيراداتها ومصروفاتها، وتجنب الإنفاق الذي يتجاوز قدراتها المالية الحقيقية. وقد يشمل تطبيق هذا المبدأ في مصر عدة جوانب:
- الرقابة على الميزانيات: فرض رقابة صارمة على ميزانيات الأندية ومصروفاتها، خاصة فيما يتعلق برواتب اللاعبين وعقود الانتقال.
- وضع سقف للرواتب: إمكانية وضع سقف للرواتب يتماشى مع الإيرادات الإجمالية للأندية ومعايير الأداء المحددة.
- الشفافية: تعزيز الشفافية في الإفصاح عن العقود والصفقات لضمان عدم وجود ممارسات غير نظامية.
- التراخيص: ربط منح تراخيص المشاركة في البطولات بمدى التزام الأندية بالقواعد المالية السليمة.
ويهدف تطبيق هذه المبادئ إلى خلق بيئة تنافسية أكثر عدلاً واستدامة، وتشجيع الأندية على التركيز على الاستثمارات طويلة الأجل مثل تطوير قطاعات الناشئين والبنية التحتية بدلاً من الإنفاق المفرط على صفقات اللاعبين قصيرة الأجل.
السياق الأوسع والآفاق المستقبلية
لا تُعد دعوة تامر بجاتو هي الأولى من نوعها في الأوساط الكروية المصرية. فلطالما كانت قضية ارتفاع عقود اللاعبين وتأثيرها على استقرار الأندية محل نقاش واسع بين المدربين، والإداريين، والمحللين. يرى الكثيرون أن استمرار هذا النمط من الإنفاق قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات المالية للأندية، ويحد من قدرتها على المنافسة قارياً، بل وحتى محلياً. كما أنه قد يؤثر سلباً على جودة المنتج الكروي بشكل عام، حيث تصبح الأولية للتعاقدات باهظة الثمن بدلاً من التركيز على التطوير الفني والخططي. ويأمل الداعون إلى تطبيق اللعب المالي النظيف أن تسهم هذه الخطوة في:
- إنقاذ المنظومة: حماية الأندية من الانهيار المالي وضمان استمرارية عملها.
- تعزيز المنافسة: خلق دوري أكثر توازناً حيث لا تكون القدرة المالية هي العامل الوحيد المحدد للنجاح.
- تشجيع الاستثمار: توجيه الأموال نحو الاستثمار في البنية التحتية، الأكاديميات، وتطوير المواهب الشابة.
- صورة أفضل للكرة المصرية: تحسين الصورة العامة لكرة القدم المصرية على الصعيدين المحلي والدولي.
إن مناشدة بجاتو تعكس حاجة ملحة لإعادة تقييم شاملة للسياسات المالية في الأندية المصرية والبحث عن حلول مستدامة تضمن مستقبلًا مزدهرًا لكرة القدم المحلية.
تتطلب معالجة قضية المبالغة في عقود اللاعبين في الدوري المصري جهودًا مشتركة من قبل الاتحاد المصري لكرة القدم والأندية والجهات المعنية. وتأتي تصريحات تامر بجاتو لتُسلط الضوء مجددًا على أهمية تبني استراتيجيات مالية حكيمة، وفي مقدمتها تطبيق مبادئ اللعب المالي النظيف، للحفاظ على استقرار الأندية وضمان مستقبل مزدهر لكرة القدم المصرية.





