تحديات أمنية جديدة في غزة: جماعات مسلحة تنافس حماس على السيطرة
وسط استمرار الصراع في قطاع غزة، ظهرت تقارير خلال الأشهر الأخيرة تشير إلى تحولات في المشهد الأمني الداخلي، حيث بدأت جماعات مسلحة وعشائر محلية في تحدي سلطة حركة حماس، مدفوعة بخطط إسرائيلية تهدف إلى إيجاد بديل لإدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب. هذه التطورات تنذر بإمكانية تحول الصراع من مواجهة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية إلى اقتتال داخلي قد يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية والسياسية في غزة.

خلفية الوضع: البحث عن بديل لحماس
منذ بدء عمليتها العسكرية، أكدت إسرائيل أن هدفها الأساسي هو القضاء على القدرات العسكرية والحكومية لحركة حماس. ومع تقدم العمليات، أصبح سؤال "اليوم التالي" في غزة محور نقاشات دولية وإقليمية. وبينما تفضل أطراف دولية، مثل الولايات المتحدة، أن تتولى السلطة الفلسطينية المعاد هيكلتها إدارة القطاع، ترفض الحكومة الإسرائيلية الحالية هذا الطرح بشدة. وفي هذا السياق، برزت استراتيجية إسرائيلية بديلة تعتمد على تمكين قوى محلية غير مرتبطة بحماس أو السلطة الفلسطينية لتشكيل إدارة محلية جديدة.
تفاصيل الخطة الإسرائيلية المقترحة
تقوم الخطة، التي وُصفت في العديد من التقارير الإعلامية، على إنشاء ما يسمى بـ "جيوب إنسانية" تتم إدارتها بواسطة عشائر وعائلات ذات نفوذ في قطاع غزة. الفكرة هي أن تتولى هذه القوى المحلية مسؤولية تأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية الدولية، مما يمنحها الشرعية والنفوذ على حساب حماس. تعتقد إسرائيل أن التحكم في المساعدات سيمكن هذه الجماعات من بناء قاعدة دعم شعبية وتأسيس سلطة أمر واقع في مناطقها. تشمل المكونات الرئيسية لهذه الاستراتيجية ما يلي:
- تحديد العشائر والعائلات القوية التي لديها تاريخ من التوتر أو الصراع مع حماس.
 - تسليح بعض هذه المجموعات بشكل مباشر أو غير مباشر لتمكينها من حماية قوافل المساعدات ومواجهة أي محاولة من حماس للسيطرة عليها.
 - خلق واقع أمني مجزأ يمنع حماس من إعادة فرض سيطرتها الكاملة على القطاع.
 - استخدام هذه القوى المحلية كقنوات اتصال لإدارة الشؤون المدنية بشكل تدريجي.
 
الجهات الفاعلة على الأرض
لا تقتصر القوى المنافسة لحماس على كيان واحد، بل هي خليط من مجموعات ذات دوافع ومصالح مختلفة. من أبرز هذه القوى العشائر الكبرى التي تمتلك تاريخاً ونفوذاً في مناطق معينة من غزة، وبعضها يمتلك أجنحة مسلحة خاصة به. على سبيل المثال، تم ذكر عائلة دغمش وجناحها المسلح المعروف باسم جيش الإسلام، وهي جماعة سلفية جهادية لها تاريخ من الصدامات مع حماس. بالإضافة إلى العشائر، هناك تقارير عن محاولات لإعادة تنشيط عناصر من فصائل أخرى، بما في ذلك تلك المرتبطة بحركة فتح، والتي تم إضعافها بشكل كبير بعد سيطرة حماس على غزة في عام 2007.
التطورات الأخيرة وردود الفعل
شهدت الفترة الممتدة من أوائل إلى منتصف عام 2024 توترات ومواجهات متزايدة على الأرض. أفادت تقارير عن وقوع اشتباكات بين مسلحين من العشائر وقوات شرطة تابعة لحماس أثناء محاولة تأمين شاحنات المساعدات. من جانبها، وصفت حركة حماس هذه المحاولات بأنها "مؤامرة" و"تعاون مع الاحتلال"، متوعدة بالتعامل "بيد من حديد" مع أي جهة تحاول أن تكون بديلاً عنها. وقد نفذت الحركة اعتقالات واستهدفت بعض الشخصيات العشائرية المتهمة بالتنسيق مع إسرائيل، مؤكدة أنها لن تسمح بحدوث "فتنة داخلية".
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذه التطورات في أنها قد تدفع غزة نحو مرحلة جديدة وخطيرة من عدم الاستقرار. يرى محللون أن الخطة الإسرائيلية محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي إلى سيناريو "صوملة" القطاع، حيث تسيطر ميليشيات متنافسة على مناطق مختلفة، مما يؤدي إلى فوضى عارمة وحرب أهلية. كما يشكك الكثيرون في قدرة هذه الجماعات المحلية على مواجهة حماس بشكل فعال، نظراً لأن الحركة لا تزال تمتلك تنظيماً عسكرياً قوياً وشبكة دعم اجتماعي واسعة. وفي حال فشل هذه الخطة، قد ينتهي الأمر بتعزيز موقف حماس كقوة لا يمكن تجاوزها، مما يعقد أي جهود مستقبلية لتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.




