تحذير أمريكي لنيجيريا: ترامب يهدد بقطع المساعدات ويلوح بالتدخل العسكري
خلال فترة رئاسته، وجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحذيرات شديدة اللهجة إلى نيجيريا، معربًا عن قلق بالغ إزاء أعمال العنف التي تستهدف المجتمعات المسيحية في البلاد. وقد أثارت هذه التصريحات، التي ربطت بين استمرار المساعدات الأمريكية وحماية الأقليات الدينية، جدلاً واسعًا حول طبيعة العلاقات الثنائية بين واشنطن وأبوجا، وألمحت إلى إمكانية تبني سياسة أمريكية أكثر صرامة، قد تشمل مراجعة برامج الدعم أو حتى التلويح بخيارات أخرى.

خلفية التوترات
جاءت أبرز التصريحات في هذا السياق خلال زيارة الرئيس النيجيري محمد بخاري إلى البيت الأبيض في أبريل 2018، والتي كانت تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب. في ذلك الوقت، كانت نيجيريا تواجه تحديات أمنية معقدة، أبرزها تمرد جماعة "بوكو حرام" في الشمال الشرقي، بالإضافة إلى تصاعد الصراع الدامي بين الرعاة والمزارعين في المنطقة الوسطى من البلاد، وهو صراع اتخذ أبعادًا عرقية ودينية خطيرة، حيث كان العديد من الضحايا من المزارعين المسيحيين.
في مؤتمر صحفي مشترك، خرج ترامب عن اللغة الدبلوماسية المعتادة، مشيرًا بشكل مباشر إلى "قتل المسيحيين" في نيجيريا، ووصفه بأنه "مشكلة خطيرة للغاية". وأكد أنه أثار القضية مع الرئيس بخاري، مشددًا على أن إدارته "لن تتسامح" مع هذا الوضع. كانت هذه هي المرة الأولى التي يسلط فيها رئيس أمريكي الضوء بشكل صريح على البعد الديني لهذا الصراع المعقد، مبتعدًا عن التفسيرات التقليدية التي تركز على العوامل الاقتصادية والبيئية.
أبعاد التهديد الأمريكي
على الرغم من أن الرئيس ترامب لم يعلن عن قرار فوري بقطع المساعدات أو تحديد جدول زمني لتدخل عسكري، إلا أن لغة التحذير كانت واضحة. وفُسرت تصريحاته على أنها رسالة بأن المساعدات الأمريكية، التي تشمل دعمًا عسكريًا وإنسانيًا وصحيًا بمليارات الدولارات، قد تكون مشروطة بتحقيق تقدم ملموس في حماية حقوق الإنسان والحريات الدينية.
- المساعدات كأداة ضغط: استخدمت إدارة ترامب المساعدات الخارجية كورقة ضغط في سياستها الخارجية، ولم تكن نيجيريا استثناءً. كان التهديد بوقفها يهدف إلى دفع الحكومة النيجيرية لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا لإنهاء العنف.
- مفهوم التدخل العسكري: لم يكن التلويح بـ "التدخل العسكري" يعني بالضرورة إرسال قوات أمريكية، بل فُهم على نطاق أوسع على أنه يشمل خيارات متعددة، مثل تعليق التعاون الأمني، أو حجب مبيعات الأسلحة، أو حتى تنفيذ عمليات محددة ضد الجماعات الإرهابية إذا ما تدهور الوضع بشكل كبير وفشلت السلطات المحلية في السيطرة عليه.
- التركيز على الحرية الدينية: عكست هذه التصريحات أولوية قصوى لدى إدارة ترامب، وهي الدفاع عن الحرية الدينية على مستوى العالم، وخاصة حماية المسيحيين المضطهدين، وهو ما كان يمثل قاعدة انتخابية مهمة للرئيس آنذاك.
رد الفعل النيجيري والتطورات اللاحقة
من جانبه، أقر الرئيس بخاري بوجود تحديات أمنية خطيرة في بلاده، لكنه أكد أن حكومته تبذل قصارى جهدها لمعالجتها. وسعى إلى طمأنة الجانب الأمريكي بأن الصراع ليس ذا طابع ديني بحت، بل هو ناتج عن عوامل اجتماعية واقتصادية معقدة. في الوقت نفسه، استمر التعاون الأمني بين البلدين، بما في ذلك المضي قدمًا في صفقة بيع طائرات "سوبر توكانو" الهجومية لنيجيريا بهدف تعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب.
لاحقًا، وفي أواخر عام 2020، اتخذت إدارة ترامب خطوة عملية بتصنيف نيجيريا على أنها "دولة ذات قلق خاص" فيما يتعلق بانتهاك الحريات الدينية. ورغم أن هذا التصنيف لم يؤدِ إلى قطع فوري للمساعدات، إلا أنه شكّل تصعيدًا دبلوماسيًا ووفاءً بالتحذيرات السابقة، مؤكدًا أن قضية حماية الأقليات الدينية ظلت محورًا أساسيًا في سياسة واشنطن تجاه أبوجا خلال تلك الفترة.




