تحذير إسرائيلي لواشنطن والجيش اللبناني من إعادة تمركز حزب الله على الحدود
تصاعدت حدة التوترات على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، حيث أفادت تقارير دبلوماسية بأن إسرائيل وجهت تحذيرات واضحة إلى الولايات المتحدة والجيش اللبناني بشأن ما تصفه بـ "العودة المقلقة" لنشاطات حزب الله العسكرية في جنوب لبنان. هذه الرسائل، التي تم نقلها عبر قنوات متعددة، تؤكد على أن تل أبيب لن تتسامح مع تغيير الوضع الراهن الذي تم تأسيسه بعد حرب عام 2006، مما يثير مخاوف من احتمال حدوث مواجهة عسكرية جديدة في منطقة غير مستقرة بالفعل.

خلفية التوترات وقرار مجلس الأمن 1701
تعود جذور الوضع الحالي إلى حرب يوليو 2006 بين إسرائيل وحزب الله، والتي انتهت بصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. هدف هذا القرار إلى إرساء استقرار طويل الأمد في المنطقة من خلال عدة بنود رئيسية، أهمها:
- وقف كامل للأعمال العدائية.
- نشر الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) في جميع أنحاء الجنوب.
- إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أي مسلحين أو أسلحة غير تابعة للدولة اللبنانية واليونيفيل.
- انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي اللبنانية.
ورغم أن القرار نجح في الحفاظ على هدوء نسبي لأكثر من عقد، إلا أن إسرائيل تتهم حزب الله بانتهاكه بشكل منهجي ومستمر، عبر بناء بنية تحتية عسكرية سرية وإقامة مواقع مراقبة على طول الحدود، غالبًا تحت غطاء منظمات بيئية مدنية مثل جمعية "أخضر بلا حدود".
تفاصيل التحذيرات الإسرائيلية الأخيرة
وفقًا للمعلومات المتداولة، فإن التحذيرات الإسرائيلية التي أُرسلت إلى واشنطن وبيروت لم تكن مجرد تكرار للمواقف السابقة، بل حملت طابعًا أكثر إلحاحًا وتحديدًا. تشير الرسائل إلى أن صبر إسرائيل بدأ ينفد تجاه ما تعتبره استفزازات متعمدة من قبل حزب الله، بما في ذلك إقامة خيام مسلحة في منطقة مزارع شبعا التي تعتبرها إسرائيل منطقة سيادية لها، بالإضافة إلى تزايد دوريات عناصر الحزب على مقربة من السياج الحدودي.
تؤكد إسرائيل أنها تحمل الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني المسؤولية المباشرة عن تطبيق القرار 1701، وتعتبر أي وجود مسلح لحزب الله في الجنوب خرقًا لهذه المسؤولية. الرسالة الموجهة إلى واشنطن تهدف إلى حث الإدارة الأمريكية على استخدام نفوذها والضغط على السلطات اللبنانية لكبح جماح الحزب وتفكيك مواقعه المستحدثة، لتجنب الاضطرار إلى تدخل عسكري إسرائيلي.
الموقف الأمريكي واللبناني
تجد الحكومة اللبنانية وجيشها نفسيهما في موقف بالغ الحساسية. فمن ناحية، يعتمد الجيش بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأمريكية التي تشترط أن يكون هو القوة المسلحة الشرعية الوحيدة في البلاد. ومن ناحية أخرى، يمثل حزب الله قوة سياسية وعسكرية نافذة داخل لبنان، مما يجعل أي مواجهة مباشرة معه أمرًا محفوفًا بالمخاطر على الاستقرار الداخلي الهش.
من جانبها، تواصل الولايات المتحدة دعمها للجيش اللبناني، مع التأكيد على ضرورة التزام جميع الأطراف بقرار 1701. وتعمل الدبلوماسية الأمريكية على تخفيف حدة التوتر عبر القنوات الخلفية، مدركة أن أي تصعيد كبير بين إسرائيل وحزب الله قد يجر المنطقة بأكملها إلى صراع أوسع نطاقًا يصعب احتواؤه.
الأبعاد والتداعيات المحتملة
تكمن خطورة هذا التطور في أنه يزيد من احتمالات سوء التقدير من أي من الطرفين. أي حادث أمني على الحدود، حتى لو كان صغيرًا، يمكن أن يتطور بسرعة إلى مواجهة شاملة. وتأتي هذه التحذيرات في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية وسياسية خانقة، مما يجعله أكثر عرضة لعدم الاستقرار في حال اندلاع حرب جديدة.
يراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب، حيث تدعو الأمم المتحدة باستمرار إلى ضبط النفس واحترام الخط الأزرق. ومع ذلك، فإن التحذيرات الإسرائيلية الأخيرة تشير إلى أن الوضع القائم لم يعد مستدامًا من وجهة نظرها، وأن الأسابيع والأشهر المقبلة قد تكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث على واحدة من أكثر الجبهات توترًا في الشرق الأوسط.





