تحقيق يكشف: معدات عسكرية بريطانية بحوزة قوات الدعم السريع في السودان
كشف تحقيق صحفي حديث أجرته صحيفة الغارديان البريطانية عن وجود معدات عسكرية بريطانية الصنع في حوزة قوات الدعم السريع التي تخوض صراعاً عنيفاً ضد الجيش السوداني منذ أبريل 2023. ويثير هذا الكشف تساؤلات جدية حول كيفية وصول هذه المعدات إلى إحدى الجهات الفاعلة الرئيسية في الحرب الأهلية السودانية، في ظل وجود حظر مفروض على تصدير الأسلحة إلى السودان، ويسلط الضوء على الثغرات المحتملة في أنظمة الرقابة على الصادرات العسكرية البريطانية.

تفاصيل المعدات التي تم رصدها
استند التحقيق، الذي نُشر في أواخر عام 2023، إلى تحليل صور ومقاطع فيديو تم التحقق منها من مناطق النزاع في السودان، خاصة في العاصمة الخرطوم. وأظهرت الأدلة استخدام قوات الدعم السريع لمركبات مصفحة من طراز Trax، وهي ناقلات جند مدرعة مصممة للاستخدام في جميع التضاريس. تم تصنيع هذه المركبات من قبل شركة مملوكة بريطانياً، مما يؤكد مصدرها. وقد شوهدت هذه الآليات وهي تُستخدم في عمليات قتالية، مما يربط بشكل مباشر بين التكنولوجيا العسكرية البريطانية وتأجيج الصراع الذي تسبب في أزمة إنسانية كارثية.
مسار وصول المعدات إلى السودان
وفقاً للتحليل، فإن المسار المباشر لبيع هذه المعدات من بريطانيا إلى قوات الدعم السريع أمر مستبعد للغاية بسبب الحظر الدولي والبريطاني على بيع الأسلحة للسودان. تشير الأدلة إلى أن هذه المركبات تم بيعها في البداية إلى دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، مثل الإمارات العربية المتحدة، كجزء من صفقات تصدير قانونية أبرمت في سنوات سابقة. ومن المعتقد أن هذه المعدات قد تم نقلها لاحقاً إلى قوات الدعم السريع عبر هذه الدول الثالثة، التي يُعرف عنها تقديمها الدعم اللوجستي والعسكري لقوات الدعم السريع. وهذا النمط من إعادة التصدير أو النقل يُبرز التحدي الذي تواجهه الدول المصدرة للأسلحة في تتبع الاستخدام النهائي لمعداتها وضمان عدم وصولها إلى أطراف غير مرغوب فيها أو مناطق نزاع محظورة.
السياق والخلفية: الصراع السوداني
اندلع القتال في السودان في 15 أبريل 2023 بين القوتين العسكريتين الرئيسيتين في البلاد: الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). تحول الصراع على السلطة بسرعة إلى حرب أهلية مدمرة، تركزت في الخرطوم ومناطق أخرى مثل دارفور، وأسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين من المدنيين، مما خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. إن ظهور أسلحة متطورة لدى أي من طرفي النزاع يزيد من تعقيد الوضع ويطيل أمد الحرب.
التداعيات وردود الفعل
أثارت نتائج التحقيق انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان وجماعات مناهضة لتجارة الأسلحة، التي دعت الحكومة البريطانية إلى إجراء تحقيق فوري وشامل في كيفية انتهاك ضوابط التصدير الخاصة بها. وقد صرحت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية، المسؤولة عن تراخيص التصدير، بأنها تأخذ هذه الادعاءات على محمل الجد وتلتزم بنظام صارم لمراقبة الصادرات. ومع ذلك، فإن الواقع على الأرض في السودان يضع هذا الالتزام موضع تساؤل. ومن أهم التداعيات المترتبة على هذا الكشف:
- زيادة الضغط على الحكومة البريطانية لمراجعة وتدقيق علاقاتها وصفقاتها العسكرية مع الدول التي قد تكون بمثابة قنوات لوصول الأسلحة إلى مناطق النزاع.
 - إحراج لندن على الساحة الدولية، حيث تظهر كأنها تساهم بشكل غير مباشر في صراع تدعو دبلوماسياً إلى وقفه.
 - تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه القوى الإقليمية في إطالة أمد الحرب السودانية من خلال توفير الدعم العسكري للأطراف المتحاربة.
 
في الختام، لا يقتصر هذا الخبر على كونه مجرد تقرير عن معدات عسكرية، بل يكشف عن شبكة معقدة من تجارة الأسلحة الدولية وتأثيرها المباشر على حياة المدنيين واستقرار الدول. كما يؤكد على أهمية الشفافية والمساءلة في صفقات السلاح العالمية لضمان عدم وصولها إلى الأيدي الخطأ وتأجيج الصراعات المدمرة.




