ترامب يرد على اختبار روسيا صاروخًا نوويًا بالإشارة إلى تمركز غواصات أمريكية
في تصريح يعكس التوترات الاستراتيجية المتنامية بين القوتين العالميتين، رد الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب على تقارير حول نجاح روسيا في اختبار صاروخ جديد متطور قادر على حمل رؤوس نووية. ففي أوائل عام 2020، وخلال مقابلة له، قلل ترامب من أهمية الاختبار الروسي، مؤكدًا في الوقت ذاته على القدرات العسكرية الأمريكية الهائلة، وتحديدًا قوتها النووية البحرية التي وصفها بأنها متمركزة على مقربة من السواحل الروسية.

التفاصيل والتصريحات
جاء تعليق الرئيس ترامب ردًا على أنباء تحدثت عن اختبار ناجح أجرته روسيا لصاروخ فرط صوتي من طراز "تسيركون" (Tsirkon). وفي سياق حديثه، ذكر ترامب أن الولايات المتحدة تمتلك أسلحة فائقة التطور، وأشار بشكل مباشر إلى الغواصات النووية الأمريكية بقوله: "لدينا الغواصات... لدينا غواصات هائلة متمركزة قبالة السواحل". واعتُبر هذا التصريح رسالة واضحة إلى موسكو بأن أي تقدم تكنولوجي عسكري روسي يقابله استعداد وردع من جانب واشنطن، وأن القوة الأمريكية لا يمكن الاستهانة بها.
من جانبها، كانت روسيا قد أعلنت في تلك الفترة عن سلسلة من الاختبارات الناجحة لأسلحتها الاستراتيجية الجديدة، والتي وصفها الرئيس فلاديمير بوتين بأنها أسلحة "لا تقهر" وقادرة على اختراق أي منظومة دفاع صاروخية حالية أو مستقبلية. يهدف الكرملين من خلال هذه الإعلانات إلى تأكيد مكانة روسيا كقوة عسكرية عظمى وإظهار قدرتها على الحفاظ على توازن الردع النووي مع الولايات المتحدة.
خلفية السباق نحو الأسلحة فرط الصوتية
يمثل هذا الحدث حلقة في سلسلة سباق تسلح جديد يركز على الأسلحة فرط الصوتية، وهي صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت بخمس مرات على الأقل (Mach 5)، وتتميز بقدرتها العالية على المناورة أثناء الطيران، مما يجعل اعتراضها شبه مستحيل باستخدام أنظمة الدفاع الجوي التقليدية. هذا السباق لا يقتصر على واشنطن وموسكو، بل يشمل أيضًا الصين التي حققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال.
تزايد هذا التنافس في ظل تآكل معاهدات الحد من التسلح التاريخية، وأبرزها انهيار معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى (INF) في عام 2019، والتي كانت تحظر على البلدين نشر صواريخ باليستية ومجنحة تطلق من الأرض بمدى يتراوح بين 500 و 5500 كيلومتر. وقد أدى غياب هذه الأطر القانونية إلى فتح الباب على مصراعيه لتطوير ونشر فئات جديدة من الأسلحة الاستراتيجية.
الأبعاد الجيوسياسية وردود الفعل
يعكس تبادل التصريحات بين ترامب والمسؤولين الروس الطبيعة المعقدة للعلاقات بين البلدين خلال تلك الفترة، والتي جمعت بين محاولات بناء علاقة شخصية بين الرئيسين من جهة، وتصاعد المنافسة العسكرية والجيوسياسية في عدة مناطق حول العالم من جهة أخرى. كانت رسالة روسيا واضحة: لقد عادت بقوة إلى الساحة الدولية بقدرات عسكرية متجددة. في المقابل، كانت رسالة الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب تؤكد على التفوق العسكري الأمريكي كضامن أساسي للأمن القومي والمصالح العالمية.
رأى محللون أن تصريح ترامب حول الغواصات لم يكن مجرد تباهٍ بالقوة، بل كان تذكيرًا بقدرة "الضربة الثانية" الأمريكية، وهي قدرة الولايات المتحدة على توجيه ضربة نووية مدمرة ردًا على أي هجوم، حتى لو تم تدمير قدراتها الصاروخية الأرضية، وذلك بفضل غواصاتها النووية المنتشرة في محيطات العالم والتي يصعب تتبعها.
أهمية الحدث وتداعياته
تكمن أهمية هذا التطور في كونه مؤشرًا واضحًا على دخول العالم حقبة جديدة من المنافسة الاستراتيجية التي تتميز بتكنولوجيا عسكرية متطورة وغياب شبه كامل لآليات ضبط التسلح. إن تطوير الأسلحة فرط الصوتية يهدد بتقويض الاستقرار الاستراتيجي القائم منذ عقود، حيث يقلل من وقت الإنذار المتاح للرد على أي هجوم، ويزيد من خطر سوء التقدير الذي قد يؤدي إلى نزاع واسع النطاق. تصريحات ترامب، وإن كانت تهدف إلى الردع، سلطت الضوء أيضًا على واقع المواجهة الصامتة والمستمرة بين القوى النووية الكبرى في أعماق البحار وفي سباق التكنولوجيا العسكرية.




