ترامب يطالب بـ 2000 دولار كمساعدات مباشرة للأمريكيين في تحول مفاجئ
في الأيام الأخيرة من عام 2020، شهدت الساحة السياسية الأمريكية تطوراً دراماتيكياً حين رفض الرئيس آنذاك دونالد ترامب بشكل غير متوقع حزمة مساعدات اقتصادية ضخمة أقرها الكونغرس لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19. وطالب ترامب بتعديل مشروع القانون لزيادة قيمة الشيكات المرسلة مباشرة للمواطنين من 600 دولار إلى 2000 دولار، مما وضعه في خلاف مباشر مع قادة حزبه الجمهوري وأوجد تحالفاً مؤقتاً وغريباً مع خصومه الديمقراطيين.

خلفية حزمة المساعدات
بعد أشهر من المفاوضات الشاقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، توصل الكونغرس في أواخر ديسمبر 2020 إلى اتفاق بشأن حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة تقارب 900 مليار دولار. كانت الحزمة جزءاً من مشروع قانون تمويل حكومي أوسع يهدف إلى تجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية. تضمنت الحزمة بنوداً حيوية مثل تجديد إعانات البطالة الإضافية، وتقديم قروض للشركات الصغيرة، وتخصيص أموال لتوزيع اللقاحات، بالإضافة إلى إرسال دفعة مباشرة بقيمة 600 دولار لكل شخص بالغ مؤهل وطفل.
موقف ترامب المفاجئ
بعد أن أقر مجلسا النواب والشيوخ مشروع القانون بأغلبية ساحقة، صدم ترامب واشنطن بنشر مقطع فيديو في 22 ديسمبر 2020، وصف فيه التشريع بأنه "وصمة عار". وانتقد بشدة ما اعتبره إنفاقاً غير ضروري على المساعدات الخارجية والمشاريع الثقافية المحلية، بينما اعتبر أن مبلغ 600 دولار للأمريكيين "منخفض بشكل يبعث على السخرية". وطالب ترامب الكونغرس صراحةً بتعديل القانون لرفع قيمة الشيكات إلى 2000 دولار للفرد أو 4000 دولار للزوجين، ملمحاً إلى أنه قد يستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القانون بأكمله إذا لم تتم تلبية مطالبه، وهو ما كان سيهدد بإغلاق حكومي وشيك.
ردود الفعل السياسية والانقسامات
سرعان ما استغل الديمقراطيون هذا التحول لصالحهم. أعلنت رئيسة مجلس النواب آنذاك، نانسي بيلوسي، دعمها الكامل لطلب ترامب، وسارعت إلى طرح تشريع مستقل للموافقة على الشيكات بقيمة 2000 دولار. وفي 28 ديسمبر، وافق مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون على مشروع قانون "CASH Act" لزيادة المدفوعات، بدعم من عشرات الجمهوريين الذين انضموا إلى الديمقراطيين.
على الجانب الآخر، وضع طلب ترامب الجمهوريين في مجلس الشيوخ في موقف حرج للغاية. فقد عارض العديد منهم لأسابيع أي زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي، وكان مبلغ الـ 600 دولار نتيجة تسوية تفاوضوا عليها بجد. أصبح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ آنذاك، ميتش ماكونيل، في مواجهة مباشرة مع الرئيس المنتهية ولايته، حيث كان عليه الموازنة بين ضغوط ترامب ومخاوف حزبه بشأن الدين العام.
مصير الاقتراح والنتيجة النهائية
عندما وصل مشروع قانون زيادة الشيكات إلى مجلس الشيوخ، رفض ميتش ماكونيل السماح بإجراء تصويت مباشر عليه. وبدلاً من ذلك، حاول ربط مسألة زيادة الشيكات بقضيتين أخريين كان ترامب يطالب بهما وهما: إلغاء المادة 230 التي تحمي شركات التكنولوجيا من المسؤولية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون، وتشكيل لجنة للتحقيق في مزاعم تزوير الانتخابات الرئاسية لعام 2020. كانت هذه الخطوة تهدف فعلياً إلى إفشال الاقتراح، حيث كان من المستحيل أن يوافق الديمقراطيون على هذه الشروط المجمعة.
في النهاية، وبعد ضغوط متزايدة لتجنب إغلاق حكومي وفقدان ملايين الأمريكيين لإعانات البطالة، تراجع ترامب ووقع على حزمة المساعدات الأصلية في 27 ديسمبر 2020، والتي تضمنت شيكات بقيمة 600 دولار. ورغم فشل محاولته، إلا أن مطالبته بـ 2000 دولار هيمنت على النقاش السياسي في تلك الفترة، وكشفت عن الانقسامات العميقة داخل الحزب الجمهوري، وأثرت على سباقات الإعادة الحاسمة لمجلس الشيوخ في ولاية جورجيا في أوائل يناير 2021.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المدفوعات، سواء المقترحة أو التي تم إقرارها، كانت تخضع لشروط تتعلق بالدخل، حيث كان يتم تخفيض المبلغ تدريجياً للأفراد والأسر ذات الدخل المرتفع، مما يعني أن الفئة ذات الدخل الأعلى كانت مستثناة من الحصول على المبلغ كاملاً أو أي جزء منه.





