ترامب يلتقي بعائلات محتجزين إسرائيليين قبل خطابه في القدس عام 2017
في خطوة لافتة خلال أولى زياراته الخارجية كرئيس للولايات المتحدة في مايو 2017، عقد الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب اجتماعاً خاصاً مع عائلات أربعة إسرائيليين كانوا محتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة. جاء هذا اللقاء الإنساني قبيل إلقائه خطاباً سياسياً هاماً في مدينة القدس، وهو ما عكس الأبعاد المتعددة لزيارته التي جمعت بين الدعم القوي لإسرائيل ومحاولات استكشاف آفاق جديدة لعملية السلام في الشرق الأوسط.
خلفية الزيارة والسياق السياسي
شكلت زيارة ترامب إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحطة الثانية في أولى جولاته الرئاسية الخارجية، والتي بدأت في المملكة العربية السعودية. هدفت الجولة إلى بناء تحالفات إقليمية لمواجهة ما وصفه بـ"التطرف الإسلامي" والحد من النفوذ الإيراني، بالإضافة إلى السعي لتحقيق ما أطلق عليه "صفقة القرن" لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كانت الأجواء السياسية في ذلك الوقت مشحونة بالترقب، حيث حاول المراقبون فهم نهج الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه المنطقة، والتي بدت مختلفة عن سياسات الإدارات السابقة.
اللقاء مع عائلات المحتجزين
جرى اللقاء في القدس بعيداً عن وسائل الإعلام، وركز على قضية أربعة إسرائيليين يعتقد أن حركة حماس تحتجزهم. شملت القضية رفات جنديين إسرائيليين قُتلا خلال حرب غزة عام 2014، وهما هدار غولدن وأورون شاؤول، بالإضافة إلى مواطنين إسرائيليين دخلا غزة في ظروف غامضة، وهما أفيرا منغيستو وهشام السيد. سعت العائلات من خلال هذا الاجتماع إلى حشد دعم دولي والضغط على الإدارة الأمريكية للعب دور فعال في الإفراج عن أبنائهم أو استعادة رفاتهم. وبحسب التقارير الصادرة آنذاك، وعد ترامب العائلات بأنه سيثير هذه القضية وسيبذل جهوداً للمساعدة في حلها، معتبراً إياها مسألة إنسانية بالدرجة الأولى.
تفاصيل الخطاب الرئيسي في متحف إسرائيل
خلافاً لبعض التوقعات الأولية بأنه سيلقي كلمة أمام الكنيست، ألقى ترامب خطابه الرئيسي في متحف إسرائيل بالقدس يوم 23 مايو 2017. حمل الخطاب رسائل متعددة موجهة لأطراف مختلفة في المنطقة، ويمكن تلخيص أبرز نقاطه في الآتي:
- تأكيد التحالف الأمريكي الإسرائيلي: شدد ترامب بقوة على عمق ومتانة العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، واصفاً إياها بأنها "رابطة غير قابلة للكسر".
- مواجهة إيران: خصص جزءاً كبيراً من خطابه لانتقاد إيران وسياستها في المنطقة، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تسمح لها بامتلاك سلاح نووي أبداً.
- الدعوة للسلام: وجه دعوة مباشرة لكل من القادة الإسرائيليين والفلسطينيين لاتخاذ "قرارات صعبة" وتقديم تنازلات من أجل تحقيق السلام، معرباً عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق.
- رؤية إقليمية: ربط بين تحقيق السلام وبين مواجهة التهديدات المشتركة، مشيراً إلى أن دولاً عربية عديدة باتت تشارك إسرائيل نفس المخاوف تجاه إيران والتطرف، مما يفتح الباب لتعاون إقليمي أوسع.
كان من الملاحظ أن الخطاب لم يتضمن تأييداً صريحاً لحل الدولتين، وهو ما كان يشكل حجر الزاوية في السياسة الأمريكية لعقود، مما أثار تحليلات واسعة حول توجهات إدارته المستقبلية.
الأهمية والتداعيات
اكتسبت زيارة ترامب ولقاؤه بعائلات المحتجزين وخطابه أهمية رمزية وعملية. فعلى الصعيد الرمزي، كان الاجتماع مع العائلات بمثابة لفتة تضامنية قوية مع إسرائيل، في حين قدم الخطاب الخطوط العريضة لسياسة إدارته في الشرق الأوسط. عملياً، مهدت هذه الزيارة الطريق لقرارات سياسية لاحقة كان لها تأثير كبير، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، ورعاية "اتفاقيات أبراهام" التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. على الرغم من أن "صفقة القرن" لم تتحقق، وأن قضية المحتجزين لدى حماس بقيت معلقة، إلا أن زيارة مايو 2017 شكلت نقطة تحول في الديناميكيات السياسية للمنطقة خلال فترة رئاسته.




