ترامب يلوّح بتدخل عسكري في نيجيريا لوقف "قتل المسيحيين"
في تصعيد مفاجئ للخطاب الأمريكي تجاه حليف أفريقي رئيسي، ورد أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد هدد باتخاذ إجراء عسكري مباشر ضد نيجيريا. جاء هذا التهديد، الذي تم الإبلاغ عنه يوم السبت، كشرط لوقف ما وصفه بـ "قتل المسيحيين" المستمر على أيدي الجماعات الإرهابية في البلاد. وأشارت التقارير إلى أن ترامب حذر من إرسال قوات أمريكية "مدججة بالسلاح" إذا فشلت الحكومة النيجيرية في تأمين مواطنيها المسيحيين، مع توجيه تعليمات للجيش الأمريكي بالاستعداد لتنفيذ محتمل.

خلفية التوترات الأمنية في نيجيريا
يأتي هذا التهديد المزعوم في سياق أمني معقد تشهده نيجيريا منذ سنوات، وهي أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان. تعاني البلاد من تحديات أمنية متعددة، أبرزها تمرد جماعة بوكو حرام في الشمال الشرقي، بالإضافة إلى تصاعد العنف بين الرعاة والمزارعين في الحزام الأوسط للبلاد. وغالباً ما تتخذ هذه الصراعات بعداً دينياً وعرقياً، حيث يكون العديد من المزارعين من المسيحيين، بينما ينتمي الرعاة في الغالب إلى جماعات الفولاني المسلمة. وقد أدت هذه الهجمات إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين، مما أثار قلقاً دولياً واسع النطاق ودعوات متكررة للحكومة النيجيرية لبذل المزيد من الجهد لحماية مواطنيها.
لطالما كانت قضية الاضطهاد الديني، خاصة ضد المسيحيين، نقطة تركيز رئيسية لإدارة ترامب وقاعدته السياسية المحافظة. وفي مناسبات سابقة، أثارت الإدارة الأمريكية مخاوف بشأن العنف في نيجيريا، وفي أواخر عام 2020، أضافت وزارة الخارجية الأمريكية نيجيريا إلى "قائمة المراقبة الخاصة" للدول التي تنتهك الحرية الدينية، مشيرة إلى "تزايد العنف الذي يستهدف المسيحيين".
دلالات التحذير الأمريكي وتأثيره المحتمل
يمثل التهديد المباشر بالتدخل العسكري، إذا تم تأكيده، خروجاً كبيراً عن الأعراف الدبلوماسية التقليدية بين الولايات المتحدة ونيجيريا. فالعلاقات بين البلدين استراتيجية، وتتعاونان بشكل وثيق في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي. وتُعد نيجيريا شريكاً محورياً في الحرب ضد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا. إن أي عمل عسكري من جانب واحد من شأنه أن يقوض هذه الشراكة بشكل خطير ويزعزع استقرار المنطقة بأكملها.
كما يعكس هذا الموقف لغة ترامب السياسية المميزة، التي غالباً ما تفضل التهديدات المباشرة والضغط الأقصى على القنوات الدبلوماسية التقليدية. ويرى المراقبون أن مثل هذه التصريحات قد تكون موجهة جزئياً إلى الجمهور المحلي في الولايات المتحدة، وتحديداً الناخبين الإنجيليين الذين يعتبرون حماية المسيحيين في جميع أنحاء العالم قضية أساسية. ومع ذلك، فإن خطوة كهذه قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث قد تستغلها الجماعات المتطرفة كأداة دعائية لتصوير الصراع على أنه "حرب صليبية" غربية ضد الإسلام، مما قد يؤجج العنف بدلاً من إخماده.
السياق الأوسع للعلاقات الأمريكية النيجيرية
على الرغم من الخطاب الحاد، استمر التعاون الأمني بين البلدين خلال فترة رئاسة ترامب، بما في ذلك بيع طائرات هجومية من طراز A-29 Super Tucano إلى نيجيريا للمساعدة في حربها ضد بوكو حرام. ومع ذلك، لم تخلُ العلاقة من توترات، خاصة فيما يتعلق بسجلات حقوق الإنسان للجيش النيجيري والقيود التي فرضتها الولايات المتحدة على المساعدات العسكرية في بعض الأحيان. إن التلويح بالتدخل العسكري يضع الحكومة النيجيرية تحت ضغط هائل للاستجابة بشكل أكثر فعالية للأزمات الأمنية الداخلية، مع موازنة سيادتها الوطنية وعلاقاتها المعقدة مع القوى العالمية.




