تركيا تجري محادثات لشراء 40 مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"
أكدت مصادر حكومية تركية، خلال الأشهر الأخيرة، أن أنقرة تجري مفاوضات متقدمة لشراء 40 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون". تأتي هذه الخطوة في إطار مساعي تركيا لتحديث أسطولها الجوي وتأمين بديل حديث بعد استبعادها من برنامج الطائرات الأمريكية F-35، وفي ظل التحديات التي تواجهها لإتمام صفقة شراء وتحديث مقاتلات F-16 من الولايات المتحدة. وتعتبر هذه المحادثات محورية لمستقبل القوات الجوية التركية، حيث تتوقف نتيجتها على موافقة الدول المصنّعة للطائرة، وعلى رأسها ألمانيا التي أبدت تحفظات سابقة.

خلفية الصفقة وسياقها الاستراتيجي
تعود جذور اهتمام تركيا بمقاتلات "يوروفايتر" إلى التوترات في علاقاتها مع حلفائها الغربيين، وتحديداً الولايات المتحدة. فبعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400، قامت واشنطن باستبعادها رسمياً من برنامج إنتاج وتطوير مقاتلة الشبح F-35 في عام 2019، على الرغم من كونها شريكاً صناعياً في المشروع. هذا القرار حرم القوات الجوية التركية من الحصول على طائرات الجيل الخامس التي كانت تخطط لتكون العمود الفقري لأسطولها المستقبلي.
كبديل، سعت تركيا إلى شراء 40 مقاتلة جديدة من طراز F-16 Block 70 وتحديث 79 طائرة أخرى في أسطولها الحالي. إلا أن هذه الصفقة واجهت معارضة طويلة في الكونغرس الأمريكي لأسباب سياسية متعددة، مرتبطة بسياسات تركيا الإقليمية وسجلها في حقوق الإنسان. ورغم ظهور مؤشرات إيجابية مؤخراً بشأن إمكانية إتمام صفقة الـ F-16، دفعت حالة عدم اليقين أنقرة للبحث بجدية عن خيارات أخرى للحفاظ على تفوقها الجوي الإقليمي، وبرزت "يوروفايتر تايفون" كأفضل بديل متاح في السوق.
التطورات الأخيرة والموقف الدولي
أعلن وزير الدفاع التركي، ياشار غولر، في نوفمبر 2023، أن بلاده تجري محادثات مع بريطانيا وإسبانيا لشراء المقاتلات، مشيراً إلى أن البلدين يبذلان جهوداً لإقناع ألمانيا، الشريك الثالث في كونسورتيوم "يوروفايتر"، بالموافقة على البيع. تاريخياً، كانت برلين تعارض صفقات الأسلحة الكبرى مع أنقرة، معبرة عن قلقها من استخدامها في النزاعات الإقليمية، خاصة في سوريا وشمال العراق، والتوترات مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط.
لكن الموقف الألماني قد يشهد تغيراً، خاصة بعد أن صادق البرلمان التركي في يناير 2024 على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي خطوة طالما طالبت بها الدول الغربية. يرى محللون أن هذه الموافقة قد تكون ورقة مساومة استخدمتها أنقرة للحصول على ضوء أخضر لصفقة "يوروفايتر" وغيرها من الصفقات العسكرية العالقة. وقد صرّح مسؤولون بريطانيون بأنهم يدعمون بقوة طلب تركيا، مؤكدين على أهميتها كحليف استراتيجي في الناتو.
أهمية المقاتلة "يوروفايتر تايفون"
تُعد "يوروفايتر تايفون" طائرة مقاتلة متعددة المهام من الجيل الرابع المتقدم (4.5)، وتتميز بقدراتها العالية على المناورة وسرعتها الفائقة وتجهيزاتها الإلكترونية المتطورة. وهي نتاج مشروع أوروبي مشترك بين كل من:
- المملكة المتحدة
- ألمانيا
- إيطاليا
- إسبانيا
إن حصول تركيا على هذه الطائرات سيمثل قفزة نوعية لقواتها الجوية، مما يسد الفجوة التكنولوجية الناتجة عن غياب مقاتلات الجيل الخامس، ويعزز قدراتها الدفاعية والهجومية. كما ستوفر هذه الصفقة، في حال إتمامها، حلاً مؤقتاً فعالاً إلى حين دخول المقاتلة التركية الوطنية من الجيل الخامس "قآن" (KAAN) الخدمة الفعلية، وهو مشروع لا يزال في مراحل التطوير الأولية.
التأثيرات المحتملة والتوقعات المستقبلية
يتوقف مصير الصفقة بشكل أساسي على القرار السياسي الألماني. إذا تمت الموافقة، فإن ذلك لن يعزز القدرات العسكرية لتركيا فحسب، بل سيعمق أيضاً الشراكة الدفاعية بين أنقرة والدول الأوروبية المصنّعة، مما قد يساهم في تحسين العلاقات المتوترة. أما في حال رفضها، فقد تضطر تركيا إلى الاعتماد كلياً على إتمام صفقة الـ F-16 مع الولايات المتحدة، أو تكثيف جهودها لتسريع برنامج مقاتلتها الوطنية "قآن" كخيار استراتيجي طويل الأمد. وفي كل الأحوال، تعكس هذه المحادثات سعي تركيا الحثيث لتنويع مصادر تسليحها وتأمين استقلاليتها الدفاعية في بيئة إقليمية مضطربة.




