حقيقة فيديو زلزال باليكسير: لقطات متداولة لا علاقة لها بالهزة الأخيرة في تركيا
شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية تداولاً واسعاً لمقطع فيديو قيل إنه يوثق اللحظات الأولى للهزة الأرضية التي ضربت ولاية باليكسير غربي تركيا. وأظهر المقطع مشاهد قوية لاهتزاز مبانٍ وانقطاع الكهرباء، مما أثار حالة من القلق بين المستخدمين. إلا أن عمليات التحقق من المصادر المفتوحة والوكالات المتخصصة كشفت أن الفيديو المتداول قديم ومضلل، ولا يمت بصلة للزلزال الأخير الذي كان محدود الشدة.

تفاصيل الهزة الأرضية الفعلية في باليكسير
وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن هيئة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، فقد تم تسجيل هزة أرضية في ولاية باليكسير بالفعل في الآونة الأخيرة. وقد وقعت الهزة في منطقة دورسونبي، وبلغت قوتها حوالي 4.1 درجة على مقياس ريختر، وعلى عمق ضحل نسبياً، مما جعل الشعور بها ممكناً في المناطق المجاورة، بما في ذلك مدينة بورصة. وعلى الرغم من إثارة الهزة للقلق، أكدت السلطات الرسمية عدم تسجيل أي خسائر في الأرواح أو أضرار مادية جسيمة، مصنفةً إياها ضمن الهزات الخفيفة التي تشهدها المنطقة بشكل متكرر نظراً لطبيعتها الزلزالية النشطة.
تحليل الفيديو المضلل ومصدره الحقيقي
أما الفيديو الذي انتشر بكثافة مصحوباً بادعاءات ربطه بزلزال باليكسير الأخير، فيعود في حقيقته إلى كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في فبراير 2023. وقد أكدت منصات تدقيق الحقائق أن هذه اللقطات ليست جديدة، وسبق أن تم تداولها في سياقات مختلفة خلال الأشهر الماضية. ويكشف التحليل الدقيق للفيديو عن عدة نقاط تؤكد عدم صحة الادعاءات الأخيرة:
- التاريخ الأصلي للنشر: تم نشر مقاطع الفيديو هذه لأول مرة في الأيام التي أعقبت زلزال كهرمان مرعش، الذي بلغت قوته 7.8 درجة، وتحديداً في 6 فبراير 2023.
- الموقع الجغرافي: توثق الكاميرات لحظة وقوع الزلزال في مدن مثل غازي عنتاب وديار بكر، وهي مناطق تقع في جنوب شرق تركيا، على بعد مئات الكيلومترات من ولاية باليكسير الواقعة في الغرب.
- شدة الاهتزازات: تُظهر اللقطات اهتزازات عنيفة للغاية وتأثيراً كبيراً على المباني والبنية التحتية، وهو ما لا يتوافق إطلاقاً مع شدة زلزال باليكسير الأخير، الذي لم ينتج عنه مثل هذا التأثير.
إن إعادة نشر هذه المقاطع المروعة وربطها بحدث أقل خطورة يساهم في نشر معلومات مغلوطة ويزيد من حالة الهلع لدى الجمهور دون مبرر.
ظاهرة تكرار المحتوى الزائف بعد الكوارث الطبيعية
تعد ظاهرة إعادة تدوير مقاطع الفيديو والصور القديمة الخاصة بالكوارث الطبيعية أمراً شائعاً على وسائل التواصل الاجتماعي. فمع كل هزة أرضية جديدة، مهما كانت قوتها، يعمد بعض المستخدمين، سواء عن قصد بهدف زيادة التفاعل أو عن غير قصد نتيجة لنقص الوعي، إلى نشر محتوى قديم ومثير لربطه بالحدث الجديد. وتستغل هذه المواد البصرية القوية حاجة الجمهور للمعلومات الفورية، مما يسهل انتشارها بشكل فيروسي قبل أن تتاح الفرصة للتحقق من صحتها.
ويحذر الخبراء من أن تداول مثل هذه المعلومات المضللة لا يؤثر فقط على الحالة النفسية للمواطنين، بل يقوض أيضاً الثقة في المصادر الإخبارية الرسمية وجهود السلطات في إدارة الأزمات. كما أنه قد يؤدي إلى إشغال خطوط الطوارئ والموارد بمعلومات غير دقيقة، مما يعيق الاستجابة الفعالة في حال وقوع كارثة حقيقية.
أهمية التحقق من المصادر
لمواجهة هذه الظاهرة، يوصي متخصصو الإعلام الرقمي بضرورة اعتماد نهج نقدي عند التعامل مع المحتوى المنتشر عبر الإنترنت، خاصة خلال الأزمات. وينصح المستخدمون باتباع خطوات بسيطة للتحقق من المعلومات قبل مشاركتها، مثل البحث عن مصدر الفيديو الأصلي، ومقارنة المشاهد مع تقارير وكالات الأنباء الموثوقة، والاعتماد على البيانات الصادرة عن الهيئات الرسمية المتخصصة في رصد الزلازل وإدارة الكوارث مثل هيئة (آفاد) أو المراصد الجيولوجية العالمية. إن تعزيز الوعي الإعلامي يعد خط الدفاع الأول ضد انتشار الشائعات والأخبار الزائفة التي تصاحب الأحداث الطارئة.




