تفاصيل محاكمة التيك توكر أوتاكا أمام المحكمة الاقتصادية
تتابع الأوساط القضائية والإعلامية في مصر عن كثب مجريات قضية التيك توكر الشهير أوتاكا، الذي يواجه اتهامات متعددة أمام المحكمة الاقتصادية بالقاهرة. تعود تفاصيل القضية إلى بلاغات وشكاوى تتعلق بمحتوى مرئي نشره المتهم عبر منصة «تيك توك»، واعتبرته الجهات المعنية مخالفًا للآداب العامة والقيم المجتمعية. وقد شهدت المحكمة الاقتصادية جلسة هامة في 15 أكتوبر الماضي للنظر في هذه الاتهامات.
خلفية القضية والاتهامات الموجهة
يُعرف التيك توكر أوتاكا (اسم الشهرة لمؤثر بارز على وسائل التواصل الاجتماعي) بتقديمه لمحتوى متنوع عبر حسابه الذي يتابعه ملايين المستخدمين. إلا أن بعض هذا المحتوى أثار جدلاً واسعًا، وتلقّت النيابة العامة بلاغات عدة بخصوصه. وتتركز الاتهامات الموجهة إليه حول بث فيديوهات وصور خادشة للحياء العام، والتحريض على الفسق والفجور، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي لارتكاب جرائم تتنافى مع قيم وأخلاق المجتمع المصري.
تستند النيابة العامة في توجيه الاتهامات إلى مواد قانونية محددة، أبرزها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (القانون رقم 175 لسنة 2018)، الذي يعاقب على نشر محتوى يتنافى مع الآداب العامة أو يُسيء للمجتمع، بالإضافة إلى مواد من قانون العقوبات المتعلقة بالتحريض على الفسق والفجور. وتُعتبر هذه القوانين الأطر التشريعية التي يتم من خلالها التعامل مع قضايا المحتوى الرقمي المثير للجدل في مصر.
الإجراءات القانونية وتطورات المحاكمة
بدأت القضية بتحقيقات موسعة أجرتها النيابة العامة، شملت فحص الفيديوهات والبلاغات المقدمة ضد أوتاكا. وبعد استيفاء التحقيقات، أحالت النيابة المتهم إلى المحكمة الاقتصادية، وهي المحكمة المختصة بالنظر في الجرائم المتعلقة بالإنترنت والتجارة الإلكترونية والقضايا التي تنطوي على شق اقتصادي أو رقمي.
عُقدت عدة جلسات للمحاكمة، كان آخرها الجلسة التي أُقيمت في 15 أكتوبر الماضي، والتي شهدت استكمال مرافعات الدفاع وتقديم الأدلة. يُطالب الدفاع ببراءة موكله، مستندًا إلى حجج تتعلق بحرية التعبير أو عدم قصد المتهم الإساءة، أو تفسير المحتوى بشكل مختلف عما فسرته النيابة. وفي المقابل، تُقدم النيابة ما تعتبره أدلة دامغة على تورط المتهم في الاتهامات الموجهة إليه، مع التركيز على التأثير السلبي لهذا المحتوى على النشء والقيم المجتمعية.
تتسم إجراءات المحكمة الاقتصادية بالسرعة والجدية في التعامل مع قضايا جرائم الإنترنت، نظرًا لتأثيرها الواسع وسرعة انتشارها. وتُعد هذه المحاكمة جزءًا من جهود أوسع تبذلها السلطات المصرية لمراقبة وتنظيم المحتوى الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، بهدف الحفاظ على النظام العام والقيم الأخلاقية.
السياق العام وتداعيات القضية
تأتي قضية أوتاكا في سياق موجة من القضايا المماثلة التي شهدتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية، استهدفت عددًا من المؤثرين وصانعي المحتوى على تيك توك ومنصات أخرى. هذه القضايا، التي غالبًا ما تُعرف إعلاميًا بـ «قضايا الفيرمونت» أو «فتيات التيك توك»، أسفرت عن أحكام بالسجن والغرامة على بعض المتهمين بتهم تتشابه مع تلك الموجهة لأوتاكا، مثل انتهاك القيم الأسرية والمجتمعية، والتحريض على الفسق.
تُثير هذه القضايا نقاشًا مجتمعيًا واسعًا حول حدود حرية التعبير على الإنترنت، ودور الدولة في تنظيم المحتوى الرقمي، ومدى ملاءمة القوانين الحالية للتعامل مع تحديات العصر الرقمي. فبينما يرى البعض أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الأخلاق والقيم، يرى آخرون أنها قد تُقيّد الإبداع وتحد من الحريات الشخصية، وتطالب بتفسير أكثر مرونة للقوانين بما يتناسب مع طبيعة الفضاء الرقمي.
يتوقع أن يكون لحكم المحكمة في قضية أوتاكا تداعيات كبيرة، ليس فقط على المتهم نفسه، بل على المشهد العام للمحتوى الرقمي في مصر. فمن الممكن أن يُشكل الحكم سابقة قضائية تؤثر على كيفية تعامل المؤثرين الآخرين مع محتواهم، ويزيد من وعيهم بالخطوط الحمراء القانونية والاجتماعية التي لا يجب تجاوزها، مما قد يُعيد تشكيل طبيعة المحتوى المتداول على منصات التواصل الاجتماعي في البلاد.





