تفاصيل مواجهة ترامب وبوهاري حول مزاعم استهداف المسيحيين في نيجيريا
كشف الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري في أواخر عام 2018 عن تفاصيل لقاء متوتر جمعه بالرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في البيت الأبيض، حيث واجهه ترامب بشكل مباشر وصريح بشأن تقارير عن أعمال عنف تستهدف المسيحيين في نيجيريا. وقد أثارت هذه المواجهة، التي جرت خلال اجتماع رسمي في أبريل 2018، اهتماماً دولياً واسعاً وسلطت الضوء على تعقيدات الصراعات الداخلية في نيجيريا وتأثيرها على علاقاتها الخارجية.
خلفية التوترات والصراع الداخلي
تعاني نيجيريا، وخاصة في حزامها الأوسط، منذ عقود من صراع دموي بين الرعاة الرحل، وأغلبهم من قومية الفولاني المسلمة، والمزارعين المستقرين، وأغلبهم من المسيحيين. وعلى الرغم من أن الصراع يكتسب أبعاداً دينية وطائفية في التغطية الإعلامية الدولية، إلا أن جذوره الأساسية تعود إلى عوامل اقتصادية وبيئية. يتنافس الطرفان على الموارد الشحيحة كالأراضي الخصبة ومصادر المياه، وقد تفاقمت هذه المشكلات بسبب التغير المناخي، والتصحر في الشمال، والنمو السكاني السريع، مما دفع الرعاة إلى التحرك جنوباً نحو أراضي المزارعين، وهو ما أدى إلى اشتباكات عنيفة ومتكررة أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف.
ماذا دار في لقاء البيت الأبيض؟
خلال زيارة الرئيس بخاري إلى واشنطن في أبريل 2018، والتي كانت تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، طرح الرئيس ترامب قضية العنف ضد المسيحيين. ووفقاً لما كشفه بخاري لاحقاً في كلمة له بنيجيريا، فإن ترامب سأله بلهجة مباشرة خلال اجتماعهما المغلق: "لماذا تقتلون المسيحيين في بلادكم؟".
أوضح بخاري أنه شرح لترامب الطبيعة المعقدة للصراع، مؤكداً أنه ليس حملة اضطهاد ديني منظمة من قبل الدولة. وبيّن أن المشكلة تاريخية وتتعلق بالنزاع على الموارد، وأن حكومته تعمل على إيجاد حلول مستدامة لها. وقد حاول بخاري في رده تفكيك السردية المبسطة التي تصور الصراع على أنه حرب دينية، وتقديم فهم أعمق لجذوره الاجتماعية والاقتصادية التي تفاقمت بسبب التغيرات البيئية.
الأهمية السياسية وردود الفعل
كانت مواجهة ترامب لبخاري متوافقة مع أسلوبه الدبلوماسي غير التقليدي، كما أنها عكست اهتمام إدارته بقضايا الحرية الدينية، والتي كانت تحظى بدعم كبير من قاعدته الانتخابية المحافظة والإنجيلية في الولايات المتحدة. وقد وضعت هذه المواجهة حكومة بخاري تحت ضغط دولي شديد لإظهار جدية أكبر في التعامل مع أزمة العنف الداخلي وحماية جميع مواطنيها.
داخلياً في نيجيريا، أثار كشف بخاري عن تفاصيل الحوار ردود فعل متباينة. فبينما رأى البعض في صراحته محاولة لتوضيح حقيقة الموقف للمجتمع الدولي، اعتبره آخرون دليلاً على فشل الحكومة في السيطرة على العنف، مما أضر بصورة البلاد على الساحة العالمية. كما سلط الحادث الضوء على مدى تأثير جماعات الضغط والتقارير الدولية على صياغة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الدول الأخرى.
التداعيات والوضع الحالي
لم يسفر ضغط إدارة ترامب عن أي إجراءات ملموسة مثل عمل عسكري، لكنه أبقى القضية في صدارة الاهتمام الدولي. وواصلت وزارة الخارجية الأمريكية في تقاريرها السنوية حول الحريات الدينية الإشارة بقلق إلى الوضع في نيجيريا، وأدرجتها في بعض الأحيان على قائمة المراقبة الخاصة بالدول التي تثير قلقاً بشأن الحريات الدينية. لا يزال الصراع بين الرعاة والمزارعين يمثل أحد أكبر التحديات الأمنية التي تواجه نيجيريا، حيث يستمر العنف في إذكاء الانقسامات الاجتماعية والسياسية في البلاد بعد سنوات من ذلك اللقاء البارز.




