تقارير عن تعرض نازحات للعنف الجنسي في الفاشر وسط تفاقم الأزمة الإنسانية
أصدرت المنسقية العامة لشؤون النازحين واللاجئين في السودان خلال الأسابيع الأخيرة تقارير مقلقة تفيد بتعرض أعداد من النساء والفتيات النازحات في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، لانتهاكات جنسية مروعة تشمل الاغتصاب والتحرش. وتأتي هذه الاتهامات الخطيرة في وقت تعاني فيه المدينة من حصار خانق ومعارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى انهيار الوضع الإنساني ووضع مئات الآلاف من المدنيين في خطر داهم.
تفاصيل الانتهاكات المروعة
وفقًا للبيانات الصادرة عن المنسقية ومنظمات حقوقية محلية، فإن أعمال العنف الجنسي تُرتكب بشكل ممنهج. وتوجه أصابع الاتهام بشكل أساسي إلى عناصر تابعة لقوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها. وتوضح التقارير أن هذه الاعتداءات تقع في ظروف مختلفة، حيث تتعرض النساء للعنف أثناء محاولتهن الفرار من مناطق القتال، أو خلال مداهمة منازلهن ومراكز الإيواء، وكذلك عند نقاط التفتيش التي تسيطر على حركة الدخول والخروج من المدينة. وأشارت الشهادات التي تم جمعها إلى أن هذه الأفعال تُستخدم كسلاح حرب لترويع السكان وإذلالهم.
السياق العسكري والأزمة الإنسانية
تكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية كبرى، فهي آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور الشاسع، كما أنها تُعد مركزًا إنسانيًا رئيسيًا، حيث تستضيف مئات الآلاف من النازحين الذين فروا من مناطق أخرى في الإقليم على مدار سنوات. ومنذ اندلاع القتال للسيطرة عليها قبل عدة أشهر، فرضت قوات الدعم السريع حصارًا شبه كامل على المدينة، مما أدى إلى قطع طرق الإمداد الحيوية وتسبب في نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والوقود. وقد أدى القصف المستمر والهجمات المباشرة إلى تدمير البنية التحتية، بما في ذلك استهداف المستشفيات والمرافق الصحية، مثل المستشفى الجنوبي الذي توقف عن العمل، مما حرم الجرحى والمرضى، بمن فيهم ضحايا العنف الجنسي، من الحصول على الرعاية الطبية العاجلة.
ردود الفعل الدولية والتحذيرات
أثارت التطورات في الفاشر قلقًا دوليًا واسعًا، حيث حذرت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية كبرى من وقوع "كارثة إنسانية ذات أبعاد هائلة". وقد أعرب مسؤولون أمميون، من بينهم المفوض السامي لحقوق الإنسان، عن صدمتهم إزاء التقارير المتعلقة بالعنف الجنسي والانتهاكات الجسيمة الأخرى للقانون الإنساني الدولي. وتتركز الدعوات الدولية على عدة نقاط رئيسية:
- الوقف الفوري للقتال ورفع الحصار عن مدينة الفاشر لحماية المدنيين المحاصرين.
- السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع المحتاجين.
- إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
- محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
التداعيات على الضحايا ومسار الصراع
تتجاوز آثار هذه الجرائم المعاناة الجسدية لتترك ندوبًا نفسية عميقة لدى الضحايا والمجتمعات المحلية. وفي ظل انهيار النظام الصحي، تواجه الناجيات تحديًا هائلاً في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، بما في ذلك العلاج الوقائي من الأمراض المنقولة جنسيًا والدعم النفسي والاجتماعي. وتؤكد هذه التقارير على الطبيعة الوحشية للصراع الدائر في السودان، وتُظهر كيف يتم استخدام العنف القائم على النوع الاجتماعي كأداة حرب ممنهجة، مما يعمق الأزمة ويزيد من تعقيد أي جهود مستقبلية لتحقيق السلام والمصالحة في البلاد.





