توتر دبلوماسي: تركيا تستهدف نتنياهو قضائياً وإسرائيل تصف الإجراء بـ"الحيلة الدعائية"
في تصعيد لافت للتوتر الدبلوماسي بين أنقرة وتل أبيب، أصدرت السلطات القضائية التركية مذكرات اعتقال رمزية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، على خلفية العمليات العسكرية في قطاع غزة. وقد سارعت إسرائيل إلى التنديد بالخطوة، واصفة إياها بأنها "حيلة دعائية" ذات دوافع سياسية وتفتقر إلى أي أساس قانوني.

تفاصيل الإجراء القضائي التركي
جاءت هذه الخطوة، التي تم الإعلان عنها في أواخر نوفمبر 2023، استجابةً لشكوى جنائية قدمها محامون أتراك إلى مكتب المدعي العام في إسطنبول. واتهم المحامون القادة الإسرائيليين بارتكاب جرائم تشمل "الإبادة الجماعية" و"جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب" خلال الحملة العسكرية على غزة التي بدأت بعد هجمات السابع من أكتوبر. ورغم أن هذه المذكرات لا تحمل وزناً قانونياً خارج تركيا، إلا أنها تمثل إجراءً قضائياً محلياً يعكس الموقف السياسي الحاد الذي تتبناه أنقرة.
رد الفعل الإسرائيلي الرسمي
كان رد الفعل الإسرائيلي قوياً وفورياً. فقد أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً وصفت فيه القرار التركي بأنه "خطوة شاذة ومنحرفة" لا تمثل سوى "مسرحية سياسية". وأكدت إسرائيل أن هذا الإجراء يظهر انحيازاً واضحاً ويفتقر إلى المصداقية القانونية، معتبرة أن السلطات التركية تحولت إلى أداة في يد من وصفتهم بـ"داعمي الإرهاب". وشددت تل أبيب على أن جيشها يعمل وفقاً للقانون الدولي وأن مثل هذه الإجراءات لن تردعه عن تحقيق أهدافه.
السياق والخلفية الدبلوماسية
تأتي هذه المذكرات في سياق تدهور حاد في العلاقات التركية الإسرائيلية. فمنذ بدء الحرب، وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات لاذعة لإسرائيل، وصلت إلى حد وصفها بـ"دولة إرهاب" واتهامها بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وقد تصاعد التوتر بين البلدين ليشمل إجراءات دبلوماسية متبادلة، كان أبرزها سحب تركيا لسفيرها من تل أبيب "للتشاور"، ورد إسرائيل بخطوة مماثلة. وتعكس هذه التطورات تحولاً كبيراً في العلاقات التي كانت قد شهدت تحسناً نسبياً قبل اندلاع الحرب.
الأهمية والتداعيات المحتملة
على الرغم من أن التأثير العملي لمذكرات الاعتقال التركية يُعتبر محدوداً للغاية، إذ لا يتوقع أن يتم تنفيذها على الصعيد الدولي، إلا أن أهميتها تكمن في رمزيتها السياسية. فهي تعتبر رسالة إدانة قوية من دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتتمتع بثقل إقليمي كبير. كما أن هذه الخطوة تضع تركيا في مقدمة الدول التي تتخذ إجراءات قانونية، ولو رمزية، ضد المسؤولين الإسرائيليين، مما قد يشجع على تحركات مماثلة في دول أخرى. ويبقى هذا الإجراء القضائي المحلي منفصلاً عن التحقيقات الجارية التي يقودها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC) في لاهاي بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.





