توقيف ضابط رفيع سابق في نظام الأسد لاتهامه بتصفية معتقلين بصيدنايا
أعلنت وزارة الداخلية السورية، يوم الأربعاء، عن إلقاء القبض على ضابط سابق رفيع المستوى في نظام الأسد، متهم بالتورط في انتهاكات جسيمة بحق معتقلين داخل سجن صيدنايا العسكري سيئ السمعة. ويُشتبه في أن الضابط الموقوف كان له دور في «تصفية» المعتقلين، في إشارة إلى الإعدامات خارج نطاق القانون التي وثقتها منظمات حقوق الإنسان على نطاق واسع في هذا المرفق خلال السنوات الماضية من الصراع السوري.

تُعد هذه الخطوة نادرة من نوعها في سياق العدالة الانتقالية داخل سوريا، حيث لطالما كانت ملفات انتهاكات حقوق الإنسان محاطة بالسرية والتكتم، مع مطالبات دولية مستمرة بتحقيق المساءلة.
خلفية عن سجن صيدنايا
يُعرف سجن صيدنايا العسكري، الواقع شمال دمشق، بأنه أحد أسوأ مراكز الاحتجاز في العالم، وقد وصفته منظمات حقوق الإنسان بأنه «مسلخ بشري». اكتسب السجن سمعة سيئة للغاية بسبب التقارير الموثقة عن التعذيب المنهجي، وظروف الاحتجاز المروعة، والإعدامات الجماعية خارج نطاق القضاء التي يُزعم أنها ارتكبت بحق آلاف المعتقلين السياسيين والمدنيين منذ بداية الانتفاضة السورية في عام 2011.
- في عام 2017، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً مفصلاً بعنوان «المسلخ البشري: إعدامات جماعية وإبادة في سجن صيدنايا السوري»، كشفت فيه عن أدلة على أن ما يصل إلى 13,000 شخص ربما أعدموا سراً شنقاً في السجن بين عامي 2011 و2015.
 - اعتمد التقرير على شهادات ناجين ومسؤولين سابقين، ورصد استخدام أساليب تعذيب وحشية، إضافة إلى حرمان المعتقلين من الغذاء والرعاية الطبية، مما أدى إلى وفاة أعداد كبيرة منهم.
 - يُعتبر سجن صيدنايا رمزاً للقمع الوحشي الذي مارسه النظام السوري ضد معارضيه وسكانه، وقد طالبت الأمم المتحدة ومختلف المنظمات الدولية بتحقيق مستقل وشفاف في الجرائم المرتكبة هناك.
 
سياق الصراع السوري وجهود المساءلة
منذ اندلاع الصراع في سوريا، وثقت منظمات حقوق الإنسان آلاف حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب على يد جميع الأطراف المتحاربة، مع نسبة كبيرة من هذه الانتهاكات تُنسب إلى القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها. وقد أدت هذه الانتهاكات إلى دعوات دولية متكررة لمحاسبة المسؤولين عنها.
على الرغم من الجهود الدولية، التي تشمل محاكمات لبعض المسؤولين السوريين السابقين في محاكم أوروبية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية (مثل المحاكمات في ألمانيا وفرنسا)، إلا أن النظام السوري نفسه نادراً ما اعترف بهذه الجرائم أو اتخذ إجراءات داخلية لملاحقة المسؤولين عنها. لذلك، فإن إعلان وزارة الداخلية عن اعتقال ضابط رفيع يشكل سابقة قد تثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية.
تفاصيل الاعتقال وتداعياته
لم تُقدم وزارة الداخلية السورية تفاصيل دقيقة حول هوية الضابط الموقوف أو الرتبة العسكرية التي كان يشغلها، مكتفية بالإشارة إلى تورطه في «انتهاكات بحق معتقلين» خلال فترة حكم الرئيس بشار الأسد. تأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية بشأن ملف المعتقلين والمفقودين في سوريا، وخصوصاً بعد جهود بعض الدول والمنظمات الدولية لإنشاء آليات مستقلة للكشف عن مصير المفقودين وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات.
قد يُفسر هذا الاعتقال على أنه محاولة من قبل النظام لإظهار بعض الالتزام بالمساءلة، أو قد يُنظر إليه على أنه إجراء داخلي محدود يهدف إلى احتواء الضغوط دون معالجة جذرية للمشكلة الأوسع نطاقاً لانتهاكات حقوق الإنسان. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى محاكمة شفافة وعادلة، أو ما إذا كانت ستكون مجرد إجراء شكلي.
يُعد هذا التطور مهماً لأنه يسلط الضوء مجدداً على قضية سجن صيدنايا والانتهاكات التي حدثت فيه، ويجدد آمال عائلات آلاف المفقودين والمعتقلين في معرفة مصير أحبائهم وتحقيق العدالة لهم.





