جدل حول تشغيل معبر رفح: مصر تنفي إعلاناً إسرائيلياً بإغلاقه
سادت حالة من الغموض والتصريحات المتضاربة بشأن الوضع التشغيلي لـمعبر رفح الحدودي، البوابة الرئيسية لقطاع غزة على العالم الخارجي، وذلك في أعقاب السيطرة العسكرية الإسرائيلية على جانبه الفلسطيني. ففي حين صدرت تصريحات من الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تشير إلى إغلاق المعبر أو تغيير آليات تشغيله، أكدت مصادر مصرية رفيعة المستوى استمرار عمل المعبر من الجانب المصري، رافضة أي تنسيق مع إسرائيل ومشترطة وجود إدارة فلسطينية لتسهيل عبور المساعدات والأفراد.
خلفية الأزمة وتصاعد التوترات
يعد معبر رفح، الواقع على الحدود بين مصر وقطاع غزة، شرياناً حيوياً لسكان القطاع، حيث يمثل المنفذ الوحيد الذي لا يخضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة. وتعود الأزمة الأخيرة إلى أوائل شهر مايو 2024، عندما أعلن الجيش الإسرائيلي عن بدء عملية عسكرية في مدينة رفح وسيطرته على الجانب الفلسطيني من المعبر. هذا التحرك أدى إلى توقف كامل لعمليات إدخال المساعدات الإنسانية وخروج الجرحى والمرضى، مما فاقم الكارثة الإنسانية في القطاع الذي يعاني من الحصار والحرب.
تضارب المواقف بين مصر وإسرائيل
أدى التحرك العسكري الإسرائيلي إلى تبادل للاتهامات وتصلب في المواقف بين القاهرة وتل أبيب. الموقف الإسرائيلي، الذي عبر عنه مسؤولون مختلفون، يرتكز على أن السيطرة على المعبر ضرورية لأسباب أمنية، تهدف إلى منع تهريب الأسلحة وتفكيك قدرات حركة حماس. كما رفضت إسرائيل إعادة تشغيل المعبر تحت إدارة فلسطينية مرتبطة بحماس، مقترحة بدائل لم تحظ بقبول دولي أو إقليمي.
في المقابل، أدانت مصر بشدة السيطرة الإسرائيلية على المعبر، واعتبرتها انتهاكاً للسيادة الفلسطينية وتهديداً لاتفاقية السلام. ونقلت وسائل إعلام مصرية عن مصدر مسؤول تأكيده أن القاهرة لن تقبل بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي في إدارة المعبر، وأن مصر تشترط انسحاب القوات الإسرائيلية وتسليم إدارته إلى جهة فلسطينية متفق عليها، كالسلطة الفلسطينية، لاستئناف العمل به. وأكد المصدر أن مصر غير مسؤولة عن إغلاق المعبر وأن إسرائيل هي من تعرقل تدفق المساعدات بعمليتها العسكرية.
التداعيات الإنسانية الكارثية
أدى إغلاق المعبر منذ سيطرة إسرائيل عليه إلى نتائج كارثية على الصعيد الإنساني. فقد تسبب التوقف في:
- تكدس مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية والطبية والوقود على الجانب المصري من الحدود، غير قادرة على الدخول إلى القطاع الذي يقف على حافة المجاعة.
- حرمان آلاف المرضى والجرحى الفلسطينيين، الذين يحتاجون إلى علاج عاجل في الخارج، من فرصة السفر، مما عرض حياتهم لخطر داهم.
- منع دخول الفرق الطبية الدولية والمتطوعين الذين يقدمون الدعم للمنظومة الصحية المنهارة في غزة.
- تفاقم الأزمة المعيشية لأكثر من مليوني فلسطيني يعتمدون بشكل كلي على المساعدات الخارجية للبقاء على قيد الحياة.
جهود دبلوماسية للبحث عن حل
تتواصل الجهود الدبلوماسية، بقيادة الولايات المتحدة وأطراف دولية وإقليمية أخرى، للتوصل إلى حل يعيد فتح المعبر. تركزت المباحثات على عدة سيناريوهات، أبرزها تسليم إدارة المعبر إلى السلطة الفلسطينية بدعم فني من بعثة المراقبة الأوروبية (EUBAM). ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود تواجه عقبات كبيرة تتعلق بالضمانات الأمنية التي تطلبها إسرائيل، والرفض المصري القاطع لأي وجود عسكري إسرائيلي في المنطقة الحدودية، بالإضافة إلى التحديات السياسية الداخلية الفلسطينية. وحتى الآن، يبقى مصير المعبر معلقاً، مرهوناً بمسار المفاوضات وتطورات الوضع الميداني في رفح.





