جدل على منصة 'إكس' بين علاء مبارك ومصطفى بكري بسبب تدوينة عن عيد ميلاد السيسي
شهدت منصة "إكس" (تويتر سابقًا) خلال شهر نوفمبر الماضي، جولة جديدة من السجال العلني بين علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، والإعلامي والبرلماني البارز مصطفى بكري. اندلع الخلاف هذه المرة بسبب تدوينة نشرها بكري لتهنئة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعيد ميلاده، وهو ما أثار ردًا لاذعًا من مبارك، ليتحول الأمر إلى تبادل اتهامات عكس الانقسامات السياسية القائمة في البلاد.

تفاصيل السجال الرقمي
بدأت القصة عندما نشر مصطفى بكري، المعروف بدعمه القوي للنظام الحالي، تدوينة عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" احتفالًا بعيد ميلاد الرئيس السيسي. حملت التدوينة عبارات المديح والإشادة بالرئيس، معتبرةً إياه قائدًا أنقذ البلاد وحافظ على استقرارها في مواجهة التحديات الجسيمة. كانت التدوينة تهدف إلى إظهار الولاء والتأييد، وهو أمر دأب عليه بكري في مناسبات مختلفة.
لم تمر هذه التدوينة مرور الكرام لدى علاء مبارك، الذي أصبح في السنوات الأخيرة ناشطًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وكثيرًا ما يستخدم حسابه للتعليق على الشأن العام بأسلوب يحمل نبرة نقدية أو ساخرة. رد مبارك على تدوينة بكري بتعليق مقتضب ولكن ذا دلالة، حيث تساءل بشكل تهكمي عن حال المواطنين وظروفهم المعيشية الصعبة، في إشارة ضمنية إلى أن الاحتفالات تتناقض مع الواقع الاقتصادي الذي يعاني منه الكثيرون في مصر. كان رده بمثابة تذكير بالأزمة الاقتصادية وتحدٍ مباشر للرواية الرسمية التي يروج لها بكري.
وكما كان متوقعًا، لم يتأخر مصطفى بكري في الرد على تعليق مبارك، حيث شن هجومًا مضادًا وحادًا. اتهم بكري نجل الرئيس الأسبق بنكران الجميل ومحاولة استغلال الأوضاع الاقتصادية لتحقيق أهداف شخصية. وذكّره بماضي نظام والده، ملمحًا إلى قضايا الفساد التي طالت العائلة، ومقارنًا بين ما اعتبره "عصر الخراب" و"عصر البناء" في عهد الرئيس السيسي. تحول النقاش بذلك من تهنئة بعيد ميلاد إلى مواجهة سياسية مباشرة حول إرث نظامين مختلفين.
خلفية الخلاف الممتد
لا يعد هذا السجال الأول من نوعه بين الشخصيتين، بل هو حلقة في سلسلة طويلة من المناوشات الكلامية التي تعكس خلافًا أعمق. يمثل مصطفى بكري صوتًا إعلاميًا بارزًا مؤيدًا بشدة للسلطة الحالية، وكان من أشد منتقدي نظام حسني مبارك، خاصة في سنواته الأخيرة وبعد ثورة يناير 2011. من ناحية أخرى، يستخدم علاء مبارك منصته الرقمية للدفاع عن فترة حكم والده، وفي الوقت نفسه، لتوجيه انتقادات مبطنة للسياسات الحالية، لا سيما الاقتصادية منها، مكتسبًا بذلك متابعة واسعة من شريحة من المصريين تشعر بالحنين إلى الماضي أو تعارض الأوضاع الراهنة.
تعتبر هذه الاشتباكات الرقمية انعكاسًا لصراع رمزي بين حقبتين. فبينما يسعى بكري لترسيخ شرعية النظام الحالي عبر الهجوم على الماضي، يحاول علاء مبارك إعادة الاعتبار لإرث عائلته عبر التشكيك في الحاضر. وقد شملت خلافاتهما السابقة موضوعات متنوعة، بدءًا من تقييم ثورة يناير وصولًا إلى إدارة الملفات الاقتصادية، مما يجعل كل مواجهة بينهما حدثًا يتابعه الرأي العام باهتمام.
الأهمية والدلالات السياسية
تكمن أهمية هذه الواقعة في كونها تتجاوز حدود المشادة الشخصية. فهي تقدم مؤشرًا على حالة الحراك السياسي المحدود في الفضاء العام المصري، حيث أصبحت منصات التواصل الاجتماعي متنفسًا رئيسيًا للتعبير عن وجهات النظر المتباينة. يتيح هذا الفضاء لشخصيات مثل علاء مبارك، التي لا تشغل مناصب رسمية، بأن يكون لها صوت مؤثر ومثير للجدل.
كما يسلط الخلاف الضوء على الاستقطاب السياسي والمجتمعي في مصر. فالتفاعل الجماهيري مع تدوينات الطرفين يكشف عن انقسام واضح بين مؤيدي النظام الحالي الذين يرون في السيسي منقذًا للبلاد، ومعارضيه أو المنتقدين لسياساته الذين يجدون في تعليقات علاء مبارك صدى لمخاوفهم وشكواهم. وبالتالي، يعمل هذا النوع من السجال على تعميق هذا الانقسام بدلًا من جسر الهوة بين وجهات النظر المختلفة.
في النهاية، يظل الجدل بين علاء مبارك ومصطفى بكري ظاهرة متكررة تعكس ديناميكيات السلطة والذاكرة والتاريخ في مصر الحديثة. ورغم أن محورها كان مناسبة شخصية لرئيس الجمهورية، إلا أنها كشفت عن توترات سياسية واقتصادية أعمق لا تزال تشكل ملامح المشهد المصري.





