جريمة تهز ليبيا: أب ينهي حياة أطفاله السبعة وينتحر في بنغازي
في واقعة مأساوية هزت الشارع الليبي والمجتمع العربي، أقدم أب في مدينة بنغازي على إنهاء حياة أطفاله السبعة قبل أن ينتحر، في حادثة كشفت عن عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد. وقد عُثر على جثث الضحايا داخل سيارتهم في مشهد صادم، مما أثار موجة واسعة من الحزن والأسى، وفتح نقاشاً حول الضغوط النفسية والمادية التي يواجهها المواطنون.

تفاصيل الحادثة المروعة
وقعت هذه المأساة في تاريخ السادس من أكتوبر 2023، حيث استيقظت مدينة بنغازي على نبأ العثور على ثماني جثث داخل سيارة متوقفة بالقرب من ميدان الكيش، أحد أشهر ميادين المدينة. الضحايا هم الأب، الذي عُرف لاحقاً بأنه الضابط العسكري المتقاعد جمال المجرابي، وأطفاله السبعة الذين تتراوح أعمارهم بين سن الرابعة والسادسة عشرة.
أظهرت التحقيقات الأولية التي أجرتها الأجهزة الأمنية أن الأب استخدم سلاحاً نارياً لقتل أطفاله واحداً تلو الآخر بينما كانوا في السيارة، قبل أن يستخدم السلاح نفسه لإنهاء حياته. وقد شكلت هذه التفاصيل صدمة كبيرة للمجتمع المحلي، خاصة وأن الأب كان معروفاً في محيطه الاجتماعي.
الدوافع خلف المأساة
بحسب ما توصلت إليه التحقيقات وما تم تداوله من رسائل تركها الأب، فإن الدافع الرئيسي وراء هذه الجريمة المروعة كان اليأس الشديد الناجم عن ضائقة مالية خانقة. أفادت مصادر متعددة أن جمال المجرابي كان غارقاً في الديون وعاجزاً عن توفير متطلبات الحياة الأساسية لأسرته. وفي رسائله الأخيرة، عبّر الأب عن شعوره بالعجز وفقدان الأمل، معتبراً أن هذا الفعل المأساوي هو السبيل الوحيد لـ"إنقاذ" أطفاله من حياة البؤس والفقر التي تنتظرهم.
التحقيقات الرسمية والإجراءات القانونية
فور وقوع الحادث، باشر مكتب النائب العام في بنغازي تحقيقات موسعة لكشف ملابسات القضية بالكامل. تم استدعاء فرق الأدلة الجنائية والطب الشرعي لمعاينة مسرح الجريمة وتشريح الجثث، وتأكدت الرواية الرسمية التي تشير إلى أن الحادثة هي جريمة قتل تبعها انتحار. استبعدت السلطات وجود أي شبهة جنائية أخرى أو تورط أطراف خارجية، وركزت جهودها على فهم السياق الاجتماعي والنفسي الذي دفع الأب لارتكاب فعلته.
صدى الجريمة في السياق الليبي
لم تكن هذه الحادثة مجرد جريمة عائلية معزولة، بل كانت بمثابة مرآة عكست الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في ليبيا. فالبلاد التي تعاني من سنوات من الانقسام السياسي والصراع المسلح، تواجه أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تآكل الطبقة الوسطى ودفع الكثير من الأسر إلى حافة الفقر. وقد سلطت هذه المأساة الضوء على غياب شبكات الأمان الاجتماعي والدعم النفسي للأفراد الذين يواجهون ضغوطاً حياتية قاسية، مما يجعلهم أكثر عرضة للانهيار.
ردود الفعل الشعبية والاجتماعية
أثارت الجريمة حالة من الصدمة والغضب في جميع أنحاء ليبيا. امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات التعازي والمواساة، ولكنها شهدت أيضاً نقاشاً حاداً حول المسؤولية المجتمعية ومسؤولية الدولة. حمّل العديد من المواطنين والنشطاء السلطات الحاكمة مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية التي تدفع الناس إلى اليأس. كما دعا آخرون إلى ضرورة الالتفات إلى قضايا الصحة النفسية وتوفير مراكز دعم متخصصة لمساعدة الأفراد على التعامل مع الأزمات، لتجنب تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل.





