حسين فهمى من مهرجان الجونة: الفن قادر على شفاء جروح الإنسانية
خلال إحدى الجلسات النقاشية البارزة التي أقيمت مؤخرًا ضمن فعاليات الدورة الأخيرة لمهرجان الجونة السينمائي، ألقى النجم المصري البارز حسين فهمي الضوء على الدور العميق والفطري للفن، لا سيما الدراما، في معالجة الجراح الإنسانية واستعادة القيم الأساسية للتعاطف والتفاهم. جاءت تصريحاته هذه في سياق جلسة بعنوان «سينما من أجل عالم أفضل»، حيث شدد على أن الفن يمتلك قدرة فريدة على التأثير في الوجدان البشري والتغلب على التحديات الاجتماعية والنفسية.

تعد هذه التصريحات بمثابة دعوة متجددة للتفكير في مسؤولية الفن ودوره في تشكيل الوعي الجمعي، خاصة في عالم يواجه فيه الأفراد تحديات متزايدة تتعلق بالترابط الإنساني وتأثيرات التكنولوجيا الحديثة على طبيعة التفاعلات البشرية.
الخلفية والرسالة الأساسية
يمثل حسين فهمي، بمسيرته الفنية الطويلة وتاريخه الحافل في السينما والتلفزيون المصري والعربي، صوتًا ذا مصداقية وثقل في الأوساط الفنية. وقد جاءت مشاركته في مهرجان الجونة السينمائي، الذي يُعرف بتناوله لقضايا فنية واجتماعية ذات أهمية، لتعزز من رسالة المهرجان الهادفة إلى استخدام السينما كأداة للتغيير الإيجابي. رسالة فهمي الجوهرية تركز على أن الدراما، بفضل قدرتها على تجسيد المواقف الإنسانية المعقدة وعرضها في قالب قصصي، تستطيع أن تعيد المشاهدين إلى جوهر التجربة البشرية، وتوقظ فيهم مشاعر التعاطف التي قد تتلاشى في خضم الحياة المعاصرة.
تأثير التكنولوجيا وخطورة العروض العنيفة
لم تقتصر رؤية فهمي على الإشادة بقدرات الفن الإيجابية فحسب، بل امتدت لتشمل تحذيرًا صريحًا من بعض التحديات التي تواجه هذه القدرة. فقد نبه إلى الآثار السلبية المحتملة للعروض العنيفة التي تفتقر إلى الهدف أو العمق، مشيرًا إلى أنها قد تؤدي إلى تبلد المشاعر وتطبيع العنف لدى المشاهدين. كما لفت الانتباه إلى المخاطر التي تشكلها التكنولوجيا الحديثة، والتي، على الرغم من مزاياها العديدة، قد تسهم في ابتعاد الجمهور عن التجربة الإنسانية الحقيقية والتفاعلات العميقة، مفضلةً أشكالًا سطحية من التواصل والاستهلاك البصري.
دور الدراما في استعادة التعاطف
تكمن قوة الدراما، وفقًا لرؤية حسين فهمي، في قدرتها على بناء جسور الفهم بين الثقافات والأفراد، وتقديم منظورات مختلفة للحياة. من خلال التعرض لشخصيات ذات خلفيات متنوعة وتجارب حياتية مختلفة، يمكن للمشاهد أن يضع نفسه في مكان الآخر، وهو ما يعزز من قدرته على التعاطف والتفهم. إن هذا التفاعل العاطفي مع الشاشة يساعد على تنمية الوعي الاجتماعي والقدرة على فهم الدوافع البشرية المعقدة، وبالتالي المساهمة في شفاء الجروح الاجتماعية والنفسية الناتجة عن سوء الفهم أو الصراعات.
مهرجان الجونة كمنصة للحوار
يُعد مهرجان الجونة السينمائي منصة حيوية لمثل هذه النقاشات العميقة، حيث يجمع صناع الأفلام والنقاد والجمهور من مختلف أنحاء العالم لمناقشة قضايا السينما وتأثيرها. تتوافق تصريحات حسين فهمي تمامًا مع رسالة المهرجان التي غالبًا ما تركز على الأفلام ذات القيمة الإنسانية والاجتماعية، وتشجع على إنتاج أعمال فنية تلهم التغيير الإيجابي. المهرجان، منذ انطلاقته، كان سباقًا في تسليط الضوء على الأفلام التي تتناول قضايا اللاجئين، والفقر، وحقوق الإنسان، وغيرها من الموضوعات التي تتطلب استجابة إنسانية عميقة.
التأثير المستقبلي ونداء التغيير
تحمل كلمات حسين فهمي صدى واسعًا في مجتمع صناعة الأفلام، حيث تُعد بمثابة تذكير بضرورة المحافظة على جوهر الفن ودوره الأخلاقي والاجتماعي. إن هذا النداء يأتي في وقت حرج يتسم بتحديات كبيرة على صعيد القيم الإنسانية، ويحث صناع المحتوى على تبني رؤية تخدم الإنسانية وتساهم في بناء مجتمعات أكثر تفهمًا وتعاطفًا. كما توجه هذه التصريحات رسالة غير مباشرة للمشاهدين، تحثهم على اختيار المحتوى الذي يثري تجربتهم الإنسانية ويعمق فهمهم للعالم من حولهم، بدلًا من الانجراف وراء ما يفتقر إلى القيمة الحقيقية.
خاتمة
في الختام، يظل التأكيد على قدرة الفن على «شفاء جروح الإنسانية» دعوة قوية من فنان بحجم حسين فهمي. إنها دعوة للعودة إلى الفطرة الإنسانية، واستغلال قوة الدراما والسينما في بناء عالم أفضل، عالم يزدهر فيه التعاطف والتفاهم المتبادل، وتُستخدم فيه التكنولوجيا كأداة لتعزيز هذه القيم لا لتقويضها.





