حماس تشترط ضمانات لإنهاء العدوان الإسرائيلي ومصر تكثف جهود الوساطة
وصلت مفاوضات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين إلى مرحلة حاسمة، وسط جهود دبلوماسية مكثفة تقودها مصر وقطر، وبمشاركة أمريكية فاعلة. وتتمحور نقطة الخلاف الرئيسية حول مطلب حركة حماس بالحصول على ضمانات دولية واضحة تفضي إلى وقف دائم للحرب، وهو ما لم توافق عليه إسرائيل بشكل صريح حتى الآن، التي تصر على استكمال عمليتها العسكرية.
خلفية المفاوضات والجهود الدبلوماسية
تأتي هذه الجولة من المباحثات في أعقاب أشهر من الحرب المدمرة في قطاع غزة، والتي أسفرت عن أزمة إنسانية كارثية. وتستند الجهود الحالية إلى مقترحات وإطارات عمل تم التباحث حولها في اجتماعات سابقة عقدت في باريس والقاهرة، وتهدف إلى بناء جسور الثقة بين الطرفين المتحاربين عبر صيغة مرحلية. ويعمل الوسطاء، وعلى رأسهم مصر التي تلعب دورًا تاريخيًا ومحوريًا بحكم جوارها الجغرافي وعلاقاتها مع الطرفين، على إيجاد صيغة مقبولة توازن بين المطالب المتباينة لإنهاء الصراع.
مطالب حماس الرئيسية ونقطة الخلاف الجوهرية
تؤكد حركة حماس أن موافقتها على أي اتفاق مرهونة بتحقيق مجموعة من الشروط التي تعتبرها أساسية لضمان إنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة بشكل مستدام. وتتركز مطالبها على النقاط التالية:
- وقف دائم وشامل لإطلاق النار: تعتبر الحركة هذا المطلب حجر الزاوية لأي اتفاق، وترفض فكرة الهدن المؤقتة التي قد تسمح لإسرائيل بإعادة ترتيب صفوفها واستئناف القتال لاحقًا.
- انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي: تطالب الحركة بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من كافة مناطق قطاع غزة دون قيد أو شرط.
- عودة غير مشروطة للنازحين: تشدد على ضرورة السماح لجميع النازحين، خاصة من شمال القطاع، بالعودة إلى مناطقهم ومنازلهم بحرية وأمان.
- ضمانات دولية: تطلب حماس ضمانات واضحة من الوسطاء، وربما قوى دولية أخرى، بأن إسرائيل لن تعود لشن عدوان جديد على القطاع بمجرد انتهاء مراحل تبادل الأسرى والمحتجزين.
- إعادة الإعمار وكسر الحصار: يجب أن يتضمن الاتفاق التزامًا واضحًا ببدء عملية إعادة إعمار شاملة في غزة وإنهاء الحصار المفروض عليها منذ سنوات.
الموقف الإسرائيلي والضغوط الداخلية
على الجانب الآخر، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية متعددة. فمن ناحية، هناك ضغط كبير من عائلات المحتجزين الإسرائيليين وقطاعات واسعة من الرأي العام التي تطالب بإعطاء الأولوية القصوى لإبرام صفقة لإعادتهم. ومن ناحية أخرى، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا شديدة من شركائه في الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف الذين يرفضون أي اتفاق قد يُفسر على أنه "انتصار" لحماس، ويهددون بإسقاط الحكومة إذا ما تم وقف الحرب قبل تحقيق أهدافها المعلنة، والمتمثلة في القضاء على قدرات الحركة العسكرية والسلطوية.
تفاصيل المقترح الأخير ودور الوسطاء
بحسب تسريبات إعلامية، فإن المقترح الأخير الذي قدمه الوسطاء يتكون من عدة مراحل. تبدأ المرحلة الأولى بهدنة إنسانية تستمر لنحو ستة أسابيع، يتم خلالها إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين من المدنيين (النساء والأطفال وكبار السن والمرضى)، مقابل إفراج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين من سجونها. وتشمل هذه المرحلة أيضًا زيادة كبيرة في حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تدخل إلى القطاع، وعودة جزئية للنازحين. وتُترك القضايا الأكثر تعقيدًا، مثل إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين المحتجزين والأسرى الفلسطينيين المحكومين بأحكام عالية، ومناقشة الترتيبات لوقف دائم للقتال، إلى المراحل اللاحقة. ويسعى الوسطاء من خلال هذه الصيغة المرحلية إلى بناء الثقة تدريجيًا والوصول إلى حل شامل.




