شهد مركز الدلنجات بمحافظة البحيرة في جمهورية مصر العربية، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إطلاق حملة بيطرية واسعة النطاق استهدفت تقديم الرعاية الصحية والعلاج لنحو 500 رأس ماشية. تأتي هذه الحملة في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها مديرية الطب البيطري بالمحافظة وبالتعاون مع الجهات المحلية، بهدف الحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها، وحماية المربين من الخسائر الاقتصادية المحتملة جراء الأمراض.

أكدت المصادر الرسمية أن الحملة تهدف إلى تعزيز صحة الحيوانات والوقاية من الأمراض الوبائية التي قد تهدد قطعان الماشية، وبالتالي ضمان سلامة المنتجات الحيوانية التي تصل إلى المستهلك. وقد لاقت الحملة ترحيباً واسعاً من قبل المزارعين والمربين في المناطق المستهدفة بالدلنجات، الذين أعربوا عن تقديرهم لهذه المبادرات التي تقدم لهم الدعم الفني والعلاجي الضروري.
أهمية الثروة الحيوانية في البحيرة
تُعد الثروة الحيوانية ركيزة أساسية للاقتصاد الزراعي في محافظة البحيرة، التي تتميز بكثافة نشاطها الزراعي والحيواني. يعتمد الآلاف من المزارعين والمربين على تربية الماشية كمصدر رئيسي للدخل، سواء من خلال بيع اللحوم والألبان ومنتجاتها أو استخدام الحيوانات في الأعمال الزراعية. لذلك، فإن أي تهديد لصحة هذه الثروة يمثل تحدياً كبيراً يمس الأمن الغذائي والاقتصادي للمحافظة.
تتعرض الماشية، كغيرها من الحيوانات، لمجموعة واسعة من الأمراض الفيروسية والبكتيرية والطفيلية، والتي يمكن أن تؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة منها أو خفض إنتاجيتها بشكل كبير. هذا الواقع يتطلب تدخلاً بيطرياً مستمراً وفعالاً، لا يقتصر على العلاج فحسب، بل يشمل أيضاً الوقاية والتحصين والتوعية بأفضل ممارسات الرعاية الحيوانية.
تفاصيل الحملة البيطرية بالدلنجات
تضمنت الحملة البيطرية الأخيرة في مركز الدلنجات مجموعة متكاملة من الخدمات والرعاية الصحية للماشية. وقد أشرف على تنفيذها فريق من الأطباء البيطريين والفنيين المتخصصين، الذين قاموا بزيارة عدد من القرى والتجمعات الريفية الأكثر احتياجاً داخل المركز. شملت الخدمات المقدمة ما يلي:
- الفحص الإكلينيكي: تم فحص رؤوس الماشية لتقييم حالتها الصحية العامة والكشف عن أي علامات مرضية مبكرة.
- التشخيص والعلاج: تقديم العلاج الفوري للحالات المرضية المختلفة، بما في ذلك الأمراض التنفسية، الهضمية، والجلدية، وغيرها من الأمراض الشائعة.
- التحصينات واللقاحات: إعطاء الجرعات اللازمة من اللقاحات المضادة للأمراض الوبائية الخطيرة مثل الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع، لتعزيز مناعة الحيوانات وحمايتها من العدوى.
- التجريع ضد الطفيليات: توزيع وتجريع الماشية بأدوية مكافحة الطفيليات الداخلية والخارجية، والتي تؤثر سلباً على صحة وإنتاجية الحيوان.
- الإرشاد والتوعية: تقديم محاضرات توعوية وإرشادية للمربين حول أهمية النظافة والتغذية السليمة، وكيفية التعامل مع الحيوانات المريضة، وأهمية الالتزام ببرامج التحصين الدورية.
وقد تم التركيز بشكل خاص على صغار المربين وأصحاب الحيازات الصغيرة، الذين قد لا تتوافر لديهم الإمكانات الكافية للوصول إلى الخدمات البيطرية المتخصصة أو شراء الأدوية واللقاحات بانتظام.
الأهداف والتأثير المتوقع
تهدف هذه الحملات المتواصلة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية تسهم في تطوير الثروة الحيوانية في البحيرة:
- حماية صحة الحيوان: الحد من انتشار الأمراض والحد من النفوق، مما يحافظ على رأس المال الحيواني للمربين.
- زيادة الإنتاجية: تحسين صحة الماشية يؤدي إلى زيادة إنتاجيتها من اللحوم والألبان، مما يعود بالنفع الاقتصادي على المربين ويعزز الأمن الغذائي.
- ضمان سلامة الغذاء: مراقبة صحة الحيوانات تساهم في إنتاج منتجات حيوانية آمنة وصالحة للاستهلاك الآدمي، وحماية المستهلكين من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان.
- دعم الاقتصاد المحلي: استقرار قطاع الثروة الحيوانية يدعم الاقتصاد الريفي ويوفر فرص عمل للمئات من سكان المحافظة.
- التنمية المستدامة: بناء قدرات المربين وتوعيتهم بأفضل الممارسات يضمن استدامة هذا القطاع الحيوي على المدى الطويل.
السياق الأوسع والجهود المستمرة
تندرج هذه الحملة في مركز الدلنجات ضمن خطة شاملة تتبناها محافظة البحيرة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، تهدف إلى تطوير الثروة الحيوانية في مختلف أنحاء الجمهورية. تشمل هذه الخطة إطلاق حملات بيطرية دورية، توفير الدعم الفني واللوجستي للمربين، وتفعيل دور الوحدات البيطرية في القرى والمراكز النائية.
تؤكد هذه الجهود على التزام الدولة المصرية بتحقيق الاكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني، وتوفير منتجات ذات جودة عالية للمواطنين، وفي الوقت نفسه دعم صغار المزارعين وتحسين مستوى معيشتهم. وتعمل المديرية بالتنسيق مع الأجهزة التنفيذية الأخرى لضمان وصول الخدمات البيطرية إلى أبعد النقاط، وتعزيز الوعي الصحي البيطري في جميع المجتمعات الريفية.
تُعد الحملات البيطرية مثل تلك التي نُفذت في الدلنجات، حجر الزاوية في استراتيجية حماية وتنمية الثروة الحيوانية في مصر. فهي لا تقدم العلاج الفوري للحيوانات المريضة فحسب، بل تعمل أيضاً على بناء منظومة وقائية متكاملة تسهم في تعزيز الأمن الحيوي، وتحسين جودة الحياة للمزارعين، وتوفير غذاء آمن وصحي للمواطنين، مما يعكس التزاماً راسخاً بالتنمية الزراعية الشاملة والمستدامة في محافظة البحيرة.





