خطة السلطة الفلسطينية لغزة: متحدث باسم فتح يؤكد على أهمية الدور الدولي لإنهاء الصراع
في ظل النقاشات الدولية المكثفة حول مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية، طرحت السلطة الوطنية الفلسطينية، ممثلة بحركة فتح، رؤيتها لإدارة القطاع في مرحلة ما بعد الصراع. وقد أوضح منذر الحايك، المتحدث باسم الحركة، في تصريحات متعددة خلال شهري أبريل ومايو 2024، الخطوط العريضة لخطة متكاملة تهدف إلى إعادة الاستقرار وتوحيد الأراضي الفلسطينية تحت قيادة شرعية واحدة.

تفاصيل الخطة المقترحة
تستند الرؤية التي قدمتها السلطة الفلسطينية للوسطاء الإقليميين والدوليين، بما في ذلك مصر وقطر، إلى مبدأ أساسي وهو أن إدارة غزة يجب أن تكون شأناً فلسطينياً داخلياً. الخطة لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تشمل جوانب إدارية وإنسانية واقتصادية تهدف إلى إعادة بناء ما دمرته الحرب وتمكين مؤسسات الدولة من العمل بفعالية في القطاع.
وتتضمن الخطة عدة محاور رئيسية، يتم تنفيذها بعد التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة. وتبرز النقاط التالية كأهم مكونات هذه الرؤية:
- تولي المهام الأمنية: تقضي الخطة بنشر قوات أمن تابعة للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، بعد إعادة هيكلتها وتأهيلها، مع إمكانية الاستعانة بدعم لوجستي وتدريبي من دول عربية لضمان قدرتها على حفظ النظام ومنع الفوضى.
 - إدارة المعابر والحدود: تشمل الخطة سيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة على جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، بما في ذلك معبر رفح الحدودي مع مصر، لتنظيم حركة الأفراد والبضائع وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار.
 - إعادة الإعمار والتنمية: تتضمن الرؤية إنشاء آلية دولية وعربية لإعادة إعمار غزة تحت إشراف مباشر من السلطة الفلسطينية، لضمان الشفافية وتوجيه الموارد نحو المشاريع الحيوية مثل الإسكان والبنية التحتية والمستشفيات والمدارس.
 - توحيد المؤسسات: الهدف الأسمى للخطة هو إنهاء حالة الانقسام وإعادة دمج مؤسسات قطاع غزة ضمن منظومة السلطة الوطنية الفلسطينية، وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
 
السياق والدور الدولي
تأتي هذه المبادرة في وقت حاسم، حيث تمارس الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي ضغوطاً لإيجاد بديل سياسي لحكم حماس في غزة بعد الحرب. وترى حركة فتح أن أي حل مستدام يتطلب تدخلاً دولياً فاعلاً، وخاصة من جانب الولايات المتحدة، لضمان التزام إسرائيل بوقف الحرب وتمكين السلطة من استلام مهامها. وأكد مسؤولون في الحركة مراراً أن وجود ضمانات دولية قوية هو شرط أساسي لنجاح أي ترتيبات أمنية وسياسية مستقبلية.
وتشدد السلطة على أن عودتها إلى غزة لن تكون "على ظهر دبابة إسرائيلية"، بل كجزء من حل سياسي شامل ينهي الاحتلال ويؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي هذا الإطار، يُنظر إلى الدور الأمريكي والأوروبي والعربي كعامل حاسم ليس فقط لوقف القتال، بل أيضاً لتوفير الدعم السياسي والمالي اللازم لتمكين الحكومة الفلسطينية الجديدة من أداء واجباتها بفعالية وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
التحديات وردود الفعل
تواجه الخطة الفلسطينية عقبات كبيرة، أبرزها الموقف الإسرائيلي الرافض لعودة السلطة الفلسطينية بصيغتها الحالية إلى حكم غزة. وقد عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مناسبات عدة عن نيته الاحتفاظ بسيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع إلى أجل غير مسمى، وهو ما يتعارض بشكل مباشر مع الرؤية الفلسطينية.
على الصعيد الداخلي، يبقى ملف المصالحة مع حركة حماس التحدي الأكبر. فبينما تطرح السلطة خطتها كبديل لحكم حماس، ترفض الحركة أي حل يستثنيها من المشهد السياسي الفلسطيني بعد الحرب، وتصر على أن مستقبل غزة يجب أن يقرره الفلسطينيون جميعاً عبر التوافق الوطني. وحتى الآن، لم تسفر جهود الوساطة عن تحقيق اختراق في هذا الملف الشائك، مما يلقي بظلال من الشك على إمكانية تطبيق الخطة على أرض الواقع.
الأهمية والمستقبل
على الرغم من التحديات، تكتسب هذه الخطة أهميتها من كونها تمثل الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية المعترف بها دولياً، وتقدم بديلاً منظماً للفوضى أو الاحتلال طويل الأمد. وتعتبر هذه الرؤية أساساً للنقاشات الدائرة في العواصم الإقليمية والدولية حول "اليوم التالي" للحرب في غزة. ويعتمد مستقبل القطاع، والاستقرار الإقليمي بشكل عام، إلى حد كبير على مدى نجاح الدبلوماسية في التغلب على العقبات القائمة وبناء جسور من الثقة بين جميع الأطراف المعنية لتنفيذ حل سياسي شامل ومستدام.





