مقتل 91 فلسطينياً في غارات إسرائيلية مكثفة على قطاع غزة
أفادت مصادر طبية فلسطينية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بمقتل 91 شخصاً على الأقل وإصابة المئات في سلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي الذي استهدف مناطق متفرقة في قطاع غزة. وتأتي هذه الحصيلة المرتفعة من الضحايا في ظل استمرار وتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، مما يفاقم الأزمة الإنسانية المتدهورة التي يعيشها السكان.

التطورات الميدانية الأخيرة
تركز القصف الإسرائيلي بشكل كبير على عدة مناطق حيوية ومكتظة بالسكان، حيث شملت الهجمات الجوية والمدفعية كلاً من شمال وجنوب القطاع. وبحسب تقارير ميدانية من فرق الدفاع المدني والطواقم الطبية، استهدفت الغارات مربعات سكنية بأكملها، خاصة في مخيم جباليا للاجئين شمالي القطاع، مما أدى إلى تدمير عدد من المنازل فوق رؤوس ساكنيها. وأشارت المصادر إلى صعوبات بالغة تواجهها فرق الإنقاذ في انتشال الضحايا من تحت الأنقاض بسبب استمرار القصف ونقص المعدات الثقيلة اللازمة.
في مدينة خان يونس جنوب القطاع، شهدت المناطق الشرقية قصفاً مدفعياً عنيفاً بالتزامن مع محاولات توغل بري للقوات الإسرائيلية. كما طال القصف مناطق في مدينة رفح المتاخمة للحدود المصرية، والتي تؤوي مئات الآلاف من النازحين، مما يزيد من المخاوف بشأن سلامتهم في منطقة كان يُعتقد أنها أكثر أمناً نسبياً. وفي مدينة غزة، استمرت الغارات على أحياء مثل الشجاعية والزيتون، وهي مناطق شهدت اشتباكات عنيفة في الأسابيع الماضية.
السياق والخلفية
تندرج هذه الهجمات ضمن العملية العسكرية الواسعة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عدة أشهر، والتي بدأت كرد فعل على هجمات السابع من أكتوبر. تهدف إسرائيل من خلال هذه العملية، بحسب تصريحات مسؤوليها، إلى القضاء على القدرات العسكرية والسياسية لحركة حماس وإعادة المحتجزين. إلا أن هذه الحملة العسكرية أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا من المدنيين وتدمير هائل في البنية التحتية للقطاع.
وقد أدت العمليات العسكرية المستمرة إلى نزوح أكثر من 85% من سكان القطاع، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، حيث يعيش معظمهم في ظروف إنسانية كارثية داخل ملاجئ مؤقتة أو في العراء، مع نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والوقود.
التصريحات وردود الفعل
أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته تستهدف البنية التحتية للمنظمات المسلحة في غزة، بما في ذلك الأنفاق ومواقع إطلاق الصواريخ ومقرات القيادة. وفي بياناته، يؤكد الجيش أنه يتخذ إجراءات لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، محملاً حركة حماس المسؤولية عن العمل في مناطق مأهولة بالسكان. من جهتها، وصفت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الهجمات الأخيرة بأنها استمرار للاستهداف الممنهج للمدنيين. وأكدت الوزارة أن غالبية الضحايا الذين وصلوا إلى المستشفيات خلال اليوم الماضي كانوا من الأطفال والنساء.
على الصعيد الدولي، تتزايد الدعوات المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين. وقد حذرت منظمات إنسانية دولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، من انهيار وشيك للمنظومة الصحية في غزة، حيث تعمل المستشفيات القليلة المتبقية بأكثر من طاقتها الاستيعابية بكثير، وتواجه نقصاً حاداً في الإمدادات الطبية والكهرباء.
الأثر الإنساني
تسببت كثافة الغارات الأخيرة في زيادة الضغط على المستشفيات المنهكة بالفعل. وأفادت مصادر طبية بأن أقسام الطوارئ وغرف العمليات لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المصابين، مما يضطر الأطباء إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن من يتلقى العلاج. كما أدت الهجمات إلى تفاقم أزمة النزوح، حيث يضطر السكان إلى الفرار من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الأمان، دون وجود أي مكان آمن فعلياً في القطاع. وتواجه وكالات الإغاثة صعوبات جمة في توزيع المساعدات الإنسانية المحدودة التي تدخل القطاع بسبب انعدام الأمن وتدمير الطرقات والقيود المفروضة على الحركة.




