خلاف استراتيجي عميق: مواجهة حادة بين الشاباك والجيش في قلب حكومة نتنياهو
تشير تقارير إعلامية إسرائيلية حديثة إلى تصاعد التوتر ووجود خلافات عميقة بين جهازي الأمن الرئيسيين في إسرائيل، جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والجيش الإسرائيلي (الجيش)، والتي تتجلى بوضوح خلال اجتماعات أمنية حساسة يعقدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مكتبه. هذه الخلافات، التي توصف بأنها "مواجهة حادة" و"خلاف استراتيجي عميق"، تعكس تباينات جوهرية في تقييمات التهديدات، الاستراتيجيات العملياتية، والرؤى المستقبلية للأمن القومي، خاصة في سياق التحديات الأمنية المستمرة في المنطقة.

أفادت وسائل إعلام مختلفة، بما في ذلك القنوات الإخبارية الرئيسية والصحف الرائدة، بوقوع مشادات كلامية ومناقشات حادة بين قادة الجهازين، أبرزهم رئيس الشاباك ديفيد برنياع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي. هذه التوترات ليست بالجديدة تمامًا في تاريخ العلاقة بين الجهازين، لكنها اكتسبت زخمًا خاصًا في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد الأحداث الأمنية الكبرى التي شهدتها إسرائيل ومحيطها.
خلفية الخلافات وصلاحيات الأجهزة
تكمن جذور هذه الخلافات غالبًا في التباين في ولايات وصلاحيات كل جهاز. يختص الشاباك بشكل أساسي بالأمن الداخلي، مكافحة الإرهاب، وجمع المعلومات الاستخباراتية في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل إسرائيل نفسها. بينما يركز الجيش الإسرائيلي على الدفاع الخارجي، العمليات العسكرية واسعة النطاق، وإدارة الحروب التقليدية. هذه الفروقات الجوهرية يمكن أن تؤدي إلى تضارب في الرؤى حول كيفية التعامل مع التهديدات المعقدة، وأحيانًا حول من يجب أن يتولى زمام المبادرة في مناطق معينة أو في أنواع محددة من العمليات.
- الشاباك: يميل إلى التركيز على الوقاية من الهجمات الإرهابية من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والعمليات السرية.
- الجيش الإسرائيلي: يركز على القدرة على الردع العسكري وتنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق لردع أو مواجهة التهديدات.
تطورات وتفاصيل المواجهات الأخيرة
تشير التقارير إلى أن الاجتماعات الأخيرة في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شهدت لحظات من التوتر الشديد. في عدة مناسبات، اضطر نتنياهو للتدخل شخصيًا لتهدئة الأجواء بين القادة الأمنيين. تتناول النقاشات المحتدمة غالبًا قضايا حساسة مثل:
- تقييمات الاستخبارات: تباين في تحليل المعلومات الاستخباراتية حول نوايا وقدرات الفصائل المسلحة، مما يؤدي إلى توصيات مختلفة للتعامل معها.
- الاستراتيجية في قطاع غزة: خلافات حول طبيعة الوجود الأمني المستقبلي في القطاع، ودور المساعدات الإنسانية، وكيفية التعامل مع تحديات ما بعد العمليات العسكرية الكبرى.
- سلطة القيادة والتحكم: نزاعات حول من يملك السلطة النهائية في اتخاذ قرارات عملياتية معينة، خاصة في المناطق المتداخلة أمنيًا.
تُظهر هذه التوترات أن الخلافات ليست مجرد خلافات فنية أو تكتيكية، بل تمتد إلى عمق الرؤى الاستراتيجية للأمن الإسرائيلي الشامل.
أسباب الخلافات الرئيسية
يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية لهذه الخلافات في عدة نقاط محورية:
- اختلاف الفلسفات الأمنية: الشاباك يفضل غالبًا العمليات الدقيقة والموجهة بناءً على معلومات استخباراتية، بينما الجيش قد يميل إلى استخدام القوة العسكرية الشاملة للردع وتحقيق الأهداف.
- السياسات والتوجهات: قد تتأثر الخلافات أيضًا بالتوجهات السياسية للحكومة الحالية، حيث يضغط رئيس الوزراء أحيانًا لتبني سياسات معينة قد لا تتوافق تمامًا مع توصيات الأجهزة الأمنية.
- صراع على الموارد والصلاحيات: التنافس على الميزانيات، القوى البشرية، وتوسيع نطاق الصلاحيات يمكن أن يساهم في تأجيج التوترات.
التداعيات المحتملة وأهمية الخبر
إن وجود خلافات بهذا الحجم بين جهازي أمن بحجم الشاباك والجيش الإسرائيلي يحمل تداعيات خطيرة على الأمن القومي الإسرائيلي:
- تأثير على اتخاذ القرار: يمكن أن تؤدي الخلافات إلى إعاقة أو تأخير اتخاذ القرارات الأمنية الحاسمة في أوقات الأزمات، مما قد يعرض الأمن للخطر.
- الفعالية العملياتية: قد تؤثر على التنسيق والتعاون الميداني بين القوات، مما يقلل من الفعالية الكلية للعمليات الأمنية.
- الثقة العامة: يمكن أن تهز ثقة الجمهور في قدرة القيادة الأمنية على العمل بشكل موحد وفعال لحماية البلاد.
- استقرار الحكومة: قد تضع هذه التوترات ضغطًا إضافيًا على استقرار الائتلاف الحكومي، خاصة وأن قضايا الأمن هي جوهر اهتمام الناخب الإسرائيلي.
يُبرز هذا "الخلاف الاستراتيجي العميق" الحاجة الملحة إلى إيجاد آليات فعالة لتسوية النزاعات داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية لضمان وحدة الرؤية والعمل، وهو أمر حيوي في ظل التحديات الأمنية المستمرة التي تواجهها البلاد.


