خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية: وزراء يعارضون خطة لبناء مدينة جديدة في غزة لدواعٍ أمنية
أبرزت تقارير إعلامية صدرت مؤخراً وجود انقسامات حادة داخل الحكومة الإسرائيلية المصغرة بشأن مستقبل قطاع غزة، حيث عارض وزراء يمينيون بارزون خطة طرحها الجيش الإسرائيلي تهدف إلى بناء منطقة سكنية جديدة في وسط القطاع. وتتركز أسباب المعارضة بشكل أساسي حول مخاوف أمنية، بالإضافة إلى خلافات أيديولوجية عميقة حول إدارة غزة في مرحلة ما بعد الحرب.
تفاصيل الخطة المقترحة
وفقاً للمعلومات المتداولة، تضمنت الخطة التي قدمتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إنشاء منطقة حضرية جديدة على ساحل قطاع غزة. كان الهدف من هذه المدينة هو استيعاب النازحين الفلسطينيين الذين دمرت منازلهم خلال العمليات العسكرية المستمرة منذ أكتوبر 2023. وبحسب المقترح، كانت هذه المنطقة ستُدار كـ "فقاعة إنسانية" معزولة، مما يسمح بتوفير الخدمات الأساسية للسكان تحت إشراف أمني إسرائيلي صارم، وربما بمشاركة جهات دولية. وقد قُدم هذا المقترح كأحد الحلول العملية للتعامل مع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع ومعضلة إدارة السكان المدنيين على المدى الطويل.
أسباب المعارضة الحكومية
قوبلت الخطة بمعارضة شديدة من قبل وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، وعلى رأسهم شخصيات من اليمين المتطرف مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. وقد عبّر هؤلاء الوزراء عن رفضهم القاطع للفكرة، واصفين إياها بأنها "ليست آمنة" وتشكل خطراً استراتيجياً على إسرائيل. وتتلخص مبرراتهم في النقاط التالية:
- المخاوف الأمنية: يرى المعارضون أن إنشاء مدينة جديدة للفلسطينيين سيؤدي حتماً إلى تحولها إلى بؤرة جديدة للمقاومة، مما يجعل تأمينها مهمة شبه مستحيلة ويعرض القوات الإسرائيلية لمخاطر مستمرة.
- غياب الثقة: أعرب الوزراء عن شكوكهم في إمكانية ضمان عدم استخدام هذه المنطقة لإعادة تنظيم الفصائل الفلسطينية المسلحة أو التخطيط لهجمات مستقبلية ضد إسرائيل.
- الرفض الأيديولوجي: تعكس المعارضة أيضاً رؤية أيديولوجية ترفض أي شكل من أشكال الإدارة الفلسطينية الذاتية في غزة بعد الحرب. ويفضل بعض هؤلاء الوزراء حلولاً أخرى، مثل تشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين أو حتى إعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في القطاع.
السياق الأوسع: أزمة "اليوم التالي"
يأتي هذا الخلاف ليعكس حالة الانقسام وغياب الرؤية الموحدة داخل مجلس الحرب الإسرائيلي بشأن استراتيجية "اليوم التالي" للحرب في غزة. فبينما يضغط الجيش وجهات أمنية، إلى جانب أطراف دولية مثل الولايات المتحدة، من أجل وضع خطة واضحة لإدارة القطاع وتجنب الفوضى، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطاً سياسية هائلة من شركائه في الائتلاف اليميني الذين يرفضون أي حل قد يؤدي إلى قيام كيان فلسطيني. وقد أدى هذا التجاذب إلى تأخير اتخاذ قرارات حاسمة، مما أثار انتقادات داخلية وخارجية واسعة.
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذا الخبر في كونه يكشف عن الشروخ العميقة في صفوف صانعي القرار في إسرائيل. فالخلاف لا يقتصر على تفاصيل تكتيكية، بل يمتد إلى جوهر الرؤية السياسية والأمنية لمستقبل غزة. إن رفض خطة يقدمها الجيش من قبل وزراء نافذين في الحكومة يسلط الضوء على تسييس القرارات الأمنية وتأثير الأيديولوجيا على الاستراتيجية العسكرية. كما أن هذا الجدل يعقد الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة ويترك مستقبل ملايين الفلسطينيين في غزة معلقاً في ظل غياب خطة إسرائيلية متفق عليها.





