دبلوماسيون: رئاسة مصر لإحدى لجان اليونسكو الرئيسية تعكس ثقة المجتمع الدولي
أعلنت مصادر دبلوماسية مؤخراً عن انتخاب مصر لرئاسة إحدى اللجان الرئيسية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في خطوة اعتبرها مراقبون تأكيداً على الثقل السياسي والثقافي الذي تتمتع به القاهرة على الساحة الدولية. يأتي هذا التطور في إطار الجهود الدبلوماسية المصرية لتعزيز دورها الفاعل في المنظمات متعددة الأطراف، ويعكس تقديراً لمساهماتها التاريخية في مجالات عمل المنظمة.

خلفية تاريخية: مصر واليونسكو
ترتبط مصر بعلاقة تاريخية وطيدة مع منظمة اليونسكو، حيث كانت من بين الدول المؤسسة للمنظمة في عام 1945. على مر العقود، لعبت مصر دوراً محورياً في العديد من مبادرات المنظمة، ولعل أبرزها الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة في ستينيات القرن الماضي، والتي تعد واحدة من أنجح مشاريع اليونسكو النموذجية لحماية التراث العالمي. كما تستضيف مصر عدداً من مواقع التراث العالمي المسجلة لدى المنظمة، بالإضافة إلى تراثها غير المادي الغني، مما يجعلها شريكاً أساسياً في جهود الحفاظ على الإرث الإنساني المشترك.
وقد شغلت مصر سابقاً عدة مناصب هامة داخل هياكل اليونسكو التنفيذية، وساهمت بفعالية في برامجها المتعلقة بالتعليم ومحو الأمية، وتعزيز حوار الثقافات، وتطبيقات العلوم، مما بنى لها رصيداً قوياً من الخبرة والثقة لدى الدول الأعضاء.
تفاصيل المنصب الجديد ومسؤولياته
تم انتخاب المندوب المصري لرئاسة اللجنة المعنية بحماية التراث الثقافي، وذلك بعد عملية تصويت جرت في مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس. ومن المقرر أن تتولى مصر هذه الرئاسة لمدة عامين، حيث ستكون مسؤولة عن الإشراف على تنفيذ اتفاقيات اليونسكو المتعلقة بصون التراث المادي وغير المادي، بالإضافة إلى إدارة النقاشات وتوجيه قرارات اللجنة التي تضم في عضويتها ممثلين عن عشرات الدول.
تتضمن أولويات الرئاسة المصرية، بحسب تصريحات رسمية، التركيز على عدة محاور أساسية، منها:
- مواجهة التحديات المستجدة التي تهدد مواقع التراث العالمي، وعلى رأسها التغير المناخي والنزاعات المسلحة والتوسع العمراني غير المنضبط.
- تعزيز بناء القدرات للدول النامية، خاصة في إفريقيا، لمساعدتها في مجال الحفاظ على تراثها الثقافي.
- توظيف التكنولوجيا الحديثة في عمليات توثيق التراث وحمايته وجعله متاحاً للجمهور العالمي.
- تكثيف الجهود الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية والعمل على استرداد القطع الأثرية المنهوبة.
الأهمية الدبلوماسية وردود الفعل
يُنظر إلى هذا الانتخاب على أنه نجاح بارز للدبلوماسية المصرية، حيث يعكس تقديراً دولياً لدور مصر كقوة فاعلة ومؤثرة في مجالات الثقافة والعلوم. وقد صرح دبلوماسيون بأن هذا الاختيار جاء نتيجة لجهود متواصلة وتحركات مدروسة لتعزيز الحضور المصري في المحافل الدولية. وأشاروا إلى أن رئاسة لجنة بهذا الحجم تمنح مصر منصة هامة للتأثير في رسم السياسات الثقافية العالمية والدفاع عن قضايا الدول العربية والإفريقية بشكل خاص.
وفي أعقاب الإعلان، رحبت وزارة الخارجية المصرية بالانتخاب، مؤكدةً في بيان لها أنه يمثل "شهادة ثقة من المجتمع الدولي في قدرة مصر ورؤيتها على قيادة العمل الدولي متعدد الأطراف". وأضافت الوزارة أن مصر ستعمل بالتعاون الكامل مع جميع الدول الأعضاء لتحقيق أهداف اليونسكو النبيلة في نشر السلام وترسيخ التفاهم المتبادل بين الشعوب من خلال الثقافة والتعليم.





