دعوة لوندي لتعزيز القدرات الرقمية في مهنة المحاسبة
أكد الدكتور فريد لوندي، الأمين العام لاتحاد المحاسبين والمراجعين العرب، على الضرورة الملحة لتطوير مهارات استخدام تكنولوجيا المعلومات والقدرات الرقمية لدى العاملين في مهنة المحاسبة. جاء هذا التصريح على هامش فعاليات المؤتمر المهني الدولي للاتحاد، الذي انطلق مؤخرًا في القاهرة تحت شعار "الاستدامة والشفافية المالية والتحول الرقمي والتنمية الاقتصادية". يسعى المؤتمر إلى توفير منصة حيوية لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين المحاسبين والخبراء الإقليميين والدوليين، بهدف مناقشة أحدث التطورات والتحديات التي تواجه المهنة في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة.

خلفية التحول الرقمي وأهميته للمحاسبة
يشهد العالم تحولًا رقميًا غير مسبوق، أثر بشكل عميق على كافة القطاعات الاقتصادية والمهنية. لم تعد مهنة المحاسبة بمعزل عن هذه التغيرات، بل أصبحت التكنولوجيا ركيزة أساسية لعملياتها اليومية، بدءًا من إدارة البيانات الضخمة وصولًا إلى التحليلات المالية المتقدمة والتدقيق الرقمي. يتطلب هذا التحول من المحاسبين ليس فقط فهم مبادئ المحاسبة التقليدية، بل أيضًا إتقان الأدوات والتقنيات الرقمية الحديثة لضمان استمراريتهم وفعاليتهم في سوق العمل المتطور.
يواجه المحاسبون تحديات تتمثل في مواكبة التقدم السريع في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، تعلم الآلة، البلوك تشين، والحوسبة السحابية. هذه التقنيات لديها القدرة على أتمتة المهام الروتينية، مما يحرر المحاسبين للتركيز على أدوار أكثر استراتيجية وتوفير رؤى قيمة للشركات. ومع ذلك، يتطلب الاستفادة الكاملة من هذه الفرص استثمارًا كبيرًا في التدريب وتطوير المهارات.
أهداف المؤتمر الدولي ومحاوره الرئيسية
انعقد المؤتمر المهني الدولي لاتحاد المحاسبين والمراجعين العرب برعاية كريمة من رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وشهد حضورًا واسعًا لنخبة من القادة والخبراء من داخل مصر وخارجها، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات دولية وإقليمية مرموقة مثل الاتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC) والبنك الدولي. ركز المؤتمر على أربعة محاور رئيسية، تعكس الأولويات الحالية والمستقبلية للمهنة:
- الاستدامة: دمج مفاهيم الاستدامة في التقارير المالية والتحليلات، وكيفية مساهمة المحاسبين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- الشفافية المالية: تعزيز معايير الشفافية والإفصاح لزيادة الثقة في الأسواق المالية ومكافحة الفساد.
- التحول الرقمي: استكشاف الفرص والتحديات التي يفرضها التحول الرقمي على ممارسات المحاسبة والتدقيق.
- التنمية الاقتصادية: دور مهنة المحاسبة في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز بيئة الأعمال.
شملت المناقشات جلسات متخصصة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مراجعة الحسابات، أهمية أمن المعلومات في حفظ البيانات المالية، ودور تحليلات البيانات في اتخاذ القرارات الاستراتيجية. أكد المتحدثون على أن المحاسبين لم يعودوا مجرد مدخلي بيانات، بل أصبحوا شركاء استراتيجيين يقدمون استشارات مبنية على تحليل عميق للبيانات.
أهمية تطوير المهارات الرقمية للمحاسبين
في تصريحه، شدد الدكتور فريد لوندي على أن تطوير مهارات استخدام تكنولوجيا المعلومات ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية للمحاسبين الراغبين في البقاء على صلة بالمهنة وتلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة. تشمل هذه المهارات القدرة على استخدام برمجيات المحاسبة المتقدمة، فهم أنظمة تخطيط موارد المؤسسات (ERP)، إتقان أدوات تحليل البيانات، والوعي بقضايا الأمن السيبراني. يرى لوندي أن الاستثمار في رأس المال البشري هو المفتاح لتمكين المحاسبين من المساهمة بفاعلية في الاقتصاد الرقمي.
يعتبر الاتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC) أن المحاسبين يجب أن يكونوا "مستشارين ذوي قيمة"، وهذا يتطلب مجموعة جديدة من الكفاءات التي تتجاوز المعرفة المحاسبية التقليدية لتشمل المهارات الرقمية والتحليلية والتواصل. ومن خلال تعزيز هذه القدرات، يمكن للمحاسبين المساهمة بشكل أكبر في حوكمة الشركات ومساعدتها على تحقيق الاستدامة والنمو.
التداعيات والآفاق المستقبلية
تكمن أهمية هذه الدعوة والمؤتمر في رسم خارطة طريق لمستقبل مهنة المحاسبة في المنطقة العربية. من المتوقع أن تساهم التوصيات والنتائج المستخلصة من المؤتمر في تطوير برامج تعليمية وتدريبية تتوافق مع الاحتياجات الرقمية الحديثة، مما يؤهل جيلًا جديدًا من المحاسبين لقيادة التحول الرقمي. إن الاستثمار في تطوير المهارات الرقمية للمحاسبين يمثل استثمارًا في تعزيز الشفافية المالية، ودعم الحوكمة الرشيدة، وتحفيز التنمية الاقتصادية الشاملة في الدول العربية. كما أنه يضمن أن تظل المهنة ذات قيمة وحيوية في مواجهة التحديات التكنولوجية المتجددة، وتواصل دورها المحوري في بناء اقتصادات قوية ومستدامة.




