دمشق تعلن توقيع إعلان للتعاون السياسي مع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش
في تطور مفاجئ ومحوري، أعلن وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، يوم الإثنين، أن الحكومة السورية وقعت إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي لهزيمة "داعش" بقيادة الولايات المتحدة. ووصف المصطفى هذه الخطوة، التي جاءت بعد أشهر من المفاوضات السرية، بأنها "نقطة تحول تاريخية" في الحرب على الإرهاب، وقد تمثل تغييراً جذرياً في الديناميكيات السياسية والعسكرية في سوريا والمنطقة.

خلفية وأهمية الحدث
يأتي هذا الإعلان في سياق علاقات عدائية استمرت لأكثر من عقد بين دمشق والتحالف الدولي. فمنذ بدء عمليات التحالف في سوريا عام 2014، اعتبرت الحكومة السورية وجوده غير شرعي وانتهاكاً لسيادتها الوطنية، لا سيما أن التحالف كان يعمل بشكل وثيق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد. لطالما انتقدت دمشق هذا الدعم واعتبرته وسيلة لتقسيم البلاد. من ناحية أخرى، لم يعترف التحالف بشرعية حكومة الرئيس بشار الأسد، وركز جهوده العسكرية بشكل حصري على محاربة تنظيم "داعش" عبر شركائه المحليين على الأرض. هذا التحول الكبير، إن تم تنفيذه، يشير إلى تغير استراتيجي عميق من كلا الطرفين، وقد يعيد رسم خريطة التحالفات في الصراع السوري المعقد.
تفاصيل ومجالات التعاون
على الرغم من أن التفاصيل الكاملة للإعلان لم تُنشر بعد، أوضح الوزير المصطفى أن التعاون سيركز بشكل أساسي على الجوانب السياسية والأمنية بدلاً من العمليات العسكرية المباشرة والمشتركة في المرحلة الأولى. تشمل مجالات التعاون المحتملة ما يلي:
- تبادل المعلومات الاستخباراتية: إنشاء قناة رسمية لتبادل المعلومات حول تحركات خلايا تنظيم "داعش" النائمة وشبكات تمويله، وهو ما قد يعزز فعالية عمليات مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء البلاد.
- تنسيق أمني حدودي: التعاون لتأمين الحدود السورية-العراقية الشاسعة، والتي استغلها التنظيم مراراً للتنقل بين البلدين.
- ملف المعتقلين والمخيمات: وضع إطار عمل مشترك للتعامل مع آلاف مقاتلي "داعش" المحتجزين في سجون "قسد" وعائلاتهم في مخيمات مثل مخيم الهول، وهي قضية تؤرق المجتمع الدولي.
- ضمانات سيادية: شدد المصطفى على أن الإعلان يتضمن بنوداً واضحة تحترم سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، وهو شرط أساسي وضعته دمشق للمضي قدماً في أي حوار.
الدوافع والتداعيات المحتملة
تثير هذه الخطوة تساؤلات حول الدوافع الكامنة وراءها. بالنسبة لدمشق، قد يمثل هذا الاتفاق فرصة لكسر عزلتها الدولية، والبدء في تطبيع العلاقات مع القوى الغربية، وإضعاف موقف قوات سوريا الديمقراطية عبر التواصل المباشر مع داعمها الرئيسي. كما قد يكون وسيلة للضغط من أجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. أما من منظور التحالف الدولي، فقد يكون هناك إدراك متزايد بأن هزيمة "داعش" بشكل مستدام تتطلب مستوى من التنسيق مع الحكومة المركزية التي تسيطر على غالبية أراضي البلاد، خاصة مع تزايد المخاوف من عودة ظهور التنظيم. قد تكون التداعيات واسعة النطاق، حيث من المرجح أن يثير هذا الإعلان قلق حلفاء دمشق التقليديين، مثل روسيا وإيران، كما سيضع قوات سوريا الديمقراطية أمام مستقبل غامض. ردود الفعل من القوى الإقليمية والدولية ستكون حاسمة في تحديد مسار هذا التعاون الوليد.





