دمشق تنضم رسمياً إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة واشنطن
في تحول سياسي جذري ومفاجئ، أعلنت الحكومة السورية، في بيان صدر في وقت سابق اليوم، عن انضمامها الرسمي إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمكافحة تنظيم داعش. تمثل هذه الخطوة تغييراً هائلاً في المشهد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط، وتنهي سنوات من العداء والقطيعة بين دمشق والتحالف الذي كان يعمل على الأراضي السورية دون تنسيق معها.

خلفية تاريخية معقدة
منذ تأسيس التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في عام 2014، كانت العلاقة بينه وبين الحكومة السورية متوترة للغاية. فقد شنت قوات التحالف آلاف الضربات الجوية داخل سوريا مستهدفة مواقع التنظيم، وهو ما اعتبرته دمشق مراراً وتكراراً انتهاكاً لسيادتها الوطنية. وفي المقابل، كانت الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف تعتبر النظام السوري جزءاً من المشكلة، وليس الحل، وفرضت عليه عقوبات اقتصادية ودبلوماسية صارمة على خلفية الحرب الأهلية المستمرة.
عمل التحالف بشكل أساسي بالتنسيق مع قوات محلية، مثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق البلاد، مما زاد من تعقيد الوضع الميداني. وبالتالي، يأتي هذا الإعلان الجديد ليعيد رسم خارطة التحالفات في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطراباً.
تفاصيل الاتفاق ودوافعه
وفقاً للبيانات الأولية، يركز الاتفاق بشكل حصري على التعاون العسكري والاستخباراتي لمواجهة خلايا تنظيم داعش النائمة، والتي لا تزال تشكل تهديداً أمنياً كبيراً، خاصة في مناطق البادية السورية الشاسعة. وتشير المصادر إلى أن المباحثات التي أدت إلى هذا الاتفاق جرت خلف أبواب مغلقة على مدى عدة أشهر بوساطة أطراف إقليمية ودولية لم يُكشف عنها بعد.
ويُعتقد أن دوافع دمشق للانضمام متعددة، ومن أبرزها:
- الرغبة في استعادة الشرعية الدولية: ترى الحكومة السورية في هذه الخطوة فرصة لكسر عزلتها الدبلوماسية والعودة التدريجية إلى المجتمع الدولي.
- تخفيف العقوبات الاقتصادية: قد يكون الانضمام جزءاً من صفقة أوسع تهدف إلى رفع بعض العقوبات التي أثقلت كاهل الاقتصاد السوري.
- مواجهة تهديد أمني حقيقي: يمثل نشاط تنظيم داعش المتزايد في البادية تحدياً عسكرياً مرهقاً للجيش السوري وحلفائه، والتعاون مع التحالف قد يوفر دعماً تقنياً واستخباراتياً مهماً.
من جانبها، يبدو أن الولايات المتحدة والتحالف قد وصلا إلى قناعة بأن التنسيق المباشر مع دمشق أصبح ضرورياً لزيادة فعالية العمليات ضد التنظيم ومنع عودته للظهور كقوة مؤثرة.
ردود فعل أولية وتداعيات محتملة
أثار الإعلان ردود فعل متباينة على الفور. فقد رحبت بعض الدول الإقليمية بالخطوة بحذر، معتبرة إياها تطوراً إيجابياً قد يسهم في تحقيق الاستقرار في سوريا. في المقابل، أعربت أطياف من المعارضة السورية عن رفضها الشديد للاتفاق، واصفة إياه بأنه "خيانة لتضحيات الشعب السوري" ومنحٌ للشرعية لنظام تعتبره مسؤولاً عن مأساته.
أما على الصعيد الدولي، فقد وصفت الأمم المتحدة التطور بأنه "خطوة بناءة"، معربة عن أملها في أن يفتح هذا التعاون العسكري الباب أمام تقدم في المسار السياسي لحل الأزمة السورية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254. ويبقى موقف حلفاء دمشق التقليديين، مثل روسيا وإيران، غير واضح تماماً، وإن كانت المؤشرات الأولية تشير إلى موافقتهم الضمنية على الخطوة كجزء من إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة.
الآفاق المستقبلية
يفتح هذا الاتفاق التاريخي الباب أمام العديد من التساؤلات حول مستقبل سوريا والمنطقة. فهل سيقتصر التعاون على الجانب العسكري فقط، أم سيمتد ليشمل جوانب سياسية واقتصادية؟ وكيف سيتم التغلب على عقود من انعدام الثقة بين الطرفين لتنفيذ تعاون فعال على الأرض؟ من المؤكد أن الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مدى نجاح هذا التحول الاستراتيجي وقدرته على تغيير مسار الصراع السوري بشكل دائم.





