ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ومهندس حرب العراق، يتوفى عن 84 عاماً
أعلنت عائلة ديك تشيني عن وفاته عن عمر يناهز 84 عامًا، وهو الرجل الذي شغل منصب نائب الرئيس الأمريكي في عهد جورج دبليو بوش ويُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره أحد أكثر نواب الرؤساء نفوذًا في تاريخ الولايات المتحدة. ارتبط اسم تشيني ارتباطًا وثيقًا بـ "الحرب على الإرهاب" التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر، وكان المهندس الرئيسي لقرار غزو العراق عام 2003، وهو القرار الذي لا يزال يثير جدلاً واسعًا حتى اليوم.

مسيرة سياسية حافلة
بدأ ديك تشيني مسيرته السياسية في أواخر الستينيات، حيث تدرج في مناصب مختلفة خلال إدارتي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد. وبلغت مسيرته المبكرة ذروتها عندما أصبح أصغر رئيس لموظفي البيت الأبيض في التاريخ، حيث خدم تحت قيادة الرئيس فورد. بعد ذلك، تم انتخابه لعضوية مجلس النواب عن ولاية وايومنغ، وهو المنصب الذي شغله لعدة فترات قبل أن يختاره الرئيس جورج بوش الأب ليشغل منصب وزير الدفاع في عام 1989.
بصفته وزيرًا للدفاع، أشرف تشيني على عملية "عاصفة الصحراء" عام 1991، وهي العملية العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة لتحرير الكويت من الغزو العراقي. بعد انتهاء فترة خدمته، انتقل تشيني إلى القطاع الخاص ليتولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون، وهي شركة كبرى في مجال خدمات الطاقة، قبل أن يعود إلى الساحة السياسية مرة أخرى.
نائب الرئيس الأكثر نفوذًا
في عام 2000، اختاره المرشح الرئاسي آنذاك جورج دبليو بوش ليكون نائبه في الانتخابات. وبعد فوزهما، برز تشيني كشخصية محورية في الإدارة، حيث لعب دورًا استشاريًا وسياسيًا تجاوز بكثير الدور التقليدي لنائب الرئيس. كان له تأثير عميق على السياسات الداخلية والخارجية، خاصة في مجالات الطاقة والأمن القومي.
شكلت هجمات 11 سبتمبر 2001 نقطة تحول حاسمة في فترة نيابته، حيث أصبح تشيني الصوت الأبرز الداعي إلى توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية بشكل كبير لمواجهة التهديدات الإرهابية. ودعم بقوة سياسات مثيرة للجدل، من بينها برامج المراقبة الواسعة التي نفذتها وكالة الأمن القومي واستخدام ما عُرف بـ "أساليب الاستجواب المعززة" ضد المشتبه بهم في قضايا الإرهاب.
مهندس حرب العراق
يُعد دور تشيني في الدفع نحو غزو العراق عام 2003 أبرز محطات مسيرته السياسية وأكثرها إثارة للجدل. كان من أشد المؤيدين للتدخل العسكري للإطاحة بنظام صدام حسين، مستندًا إلى ادعاءات استخباراتية تفيد بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وصلاته بتنظيم القاعدة. ورغم أن هذه الادعاءات ثبت لاحقًا أنها كانت غير دقيقة ومبنية على معلومات استخباراتية خاطئة، ظل تشيني مدافعًا شرسًا عن قرار الحرب حتى سنواته الأخيرة، معتبرًا أنه جعل العالم مكانًا أكثر أمانًا.
- الدوافع المعلنة: امتلاك أسلحة دمار شامل وعلاقة نظام صدام بالإرهاب.
- النتيجة: غزو العراق عام 2003 والإطاحة بالنظام الحاكم.
- الجدل: عدم العثور على أسلحة دمار شامل وتكاليف الحرب البشرية والمادية الهائلة.
الإرث والسنوات الأخيرة
غادر تشيني منصبه في عام 2009، لكنه ظل صوتًا مؤثرًا في الأوساط المحافظة، حيث كان يوجه انتقادات متكررة لسياسات إدارة الرئيس باراك أوباما، خاصة في مجال الأمن القومي. عانى تشيني طوال حياته من مشاكل صحية في القلب، حيث خضع لعدة عمليات جراحية، بما في ذلك عملية زراعة قلب في عام 2012.
يترك ديك تشيني وراءه إرثًا سياسيًا معقدًا؛ فبينما يراه أنصاره قائدًا حازمًا دافع عن مصالح الولايات المتحدة في وقت عصيب، يعتبره منتقدوه شخصية أسهمت سياساتها في تقويض الحريات المدنية وزعزعة استقرار الشرق الأوسط من خلال حرب اعتبروها غير ضرورية. وبغض النظر عن تقييم دوره، لا يوجد خلاف على أنه كان أحد أكثر الفاعلين السياسيين تأثيرًا في مطلع القرن الحادي والعشرين.





