عرض المرماح يتألق في مهرجان قنا الأول للفنون والتراث: احتفاء بالفروسية الأصيلة والتقاليد الشعبية
شهدت فعاليات مهرجان قنا للفنون والحرف التراثية في نسخته الأولى، التي أقيمت مؤخرًا، حدثًا بارزًا تمثل في عرض المرماح، الذي استقطب اهتمامًا واسعًا وأضفى أجواءً من الحيوية والبهجة. هذا العرض الفريد جسد مزيجًا متناغمًا من المهارات الفنية الأصيلة والتراث الشعبي العريق، مقدماً تجربة ثقافية استثنائية للزوار والسياح على حد سواء، ومسلطاً الضوء على كنوز صعيد مصر الثقافية.

المرماح: فن الفروسية الضارب في أعماق التاريخ
يُعد المرماح من الفنون التراثية العريقة في صعيد مصر، وهو عبارة عن عرض للفروسية التقليدية يبرز مهارات الفرسان وقوة الخيول. يتجاوز المرماح كونه مجرد رياضة ليصبح تعبيرًا عن الشجاعة، الأصالة، والارتباط العميق بالأرض والتراث. غالبًا ما يرتبط المرماح بالمناسبات الاحتفالية والأعراس، حيث يتبارى الفرسان في استعراض قدرتهم على التحكم بالخيول وتنفيذ حركات بهلوانية ودفاعية، كل ذلك ضمن إطار من الأهازيج والأنغام الشعبية التي تزيد من حماسة العرض. تعود جذوره إلى قرون مضت، ويعكس جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمنطقة، محافظاً على تقاليد الفروسية الأصيلة.
مهرجان قنا للفنون والتراث: منصة لإحياء الأصالة
يُعد مهرجان قنا للفنون والحرف التراثية، الذي أقيمت دورته الأولى مؤخرًا، مبادرة مهمة تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي الغني لمحافظة قنا وتنميته. يسعى المهرجان إلى عرض مختلف أشكال الفنون والحرف اليدوية التي تميز المنطقة، من نسج ومنحوتات وموسيقى شعبية، بالإضافة إلى فنون الأداء مثل المرماح. الهدف الأساسي هو إلقاء الضوء على هذه الكنوز الثقافية، وتشجيع الأجيال الشابة على تعلمها وممارستها، وبالتالي ضمان استمراريتها. كما يمثل المهرجان فرصة لتعزيز السياحة الثقافية وجذب الزوار لاستكشاف عمق التراث الصعيدي الفريد، وتوفير منصة للتفاعل بين الفنانين المحليين والجمهور.
تفاصيل العرض والتفاعل الجماهيري
خلال فعاليات المهرجان، قدم الفرسان عرضًا مبهرًا للمرماح، مستعرضين براعتهم في ركوب الخيل والتحكم فيها بمهارة فائقة. تخلل العرض أداءات راقصة للخيل، وحركات سريعة تجسد القوة والرشاقة، مثل الركض بسرعة والوقوف المفاجئ أو أداء مناورات معقدة. لم يقتصر الأمر على المهارات الفروسية فحسب، بل رافق الأداء وصلات غنائية شعبية وأصوات الزغاريد التي أطلقتها النساء، مما أضفى طابعًا احتفاليًا أصيلًا وروحًا مجتمعية للعرض. وقد تفاعل الجمهور بشكل كبير مع العرض، حيث كانت الهتافات والتصفيق متواصلين، معبرين عن إعجابهم بهذا المزيج الفريد من الأصالة والفن. العرض كان محط إعجاب الزوار المحليين والسياح الأجانب، الذين وجدوا فيه نافذة فريدة على الثقافة المصرية الأصيلة وتقاليدها العميقة.
الأهمية الثقافية والاقتصادية
يكتسب عرض المرماح في مهرجان قنا أهمية متعددة الأوجه، تتجاوز الجانب الترفيهي لتشمل أبعاداً ثقافية واقتصادية واجتماعية:
- الحفاظ على التراث: يساهم في إبقاء فن المرماح حيًا ونقله بين الأجيال، في ظل التحديات التي تواجه الفنون التراثية في العصر الحديث، ويضمن استمرارية هذا الموروث القيم.
- تعزيز الهوية الثقافية: يعزز الشعور بالانتماء والفخر بالتراث المحلي، سواء لدى أهالي قنا أو المصريين عمومًا، ويبرز الجانب الأصيل للثقافة الصعيدية.
- تنشيط السياحة: يجذب هذا النوع من الفعاليات السياح المهتمين بالثقافة والتراث، مما يدعم الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويسهم في التنمية المستدامة للمنطقة.
- التبادل الثقافي: يتيح للزوار من مختلف الخلفيات فرصة للتعرف على جزء أصيل من الثقافة المصرية، مما يثري تجربتهم ويزيد من تقديرهم للتنوع الثقافي العالمي.
وبهذا، لم يكن عرض المرماح في مهرجان قنا للفنون والحرف التراثية مجرد فقرة ترفيهية، بل كان تجسيدًا حيًا لروح الأصالة والقوة والفن، مؤكدًا على أن التراث الشعبي ما زال يمتلك القدرة على إبهار الجماهير وإثراء المشهد الثقافي، والربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.





