رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن عن مؤتمر في مصر لإعادة إعمار غزة بتكلفة 30 مليار دولار
في إعلان بارز خلال الأسابيع الأخيرة، كشف رئيس الوزراء الفلسطيني، الدكتور محمد مصطفى، عن خطط لعقد مؤتمر دولي للمانحين في مصر يهدف إلى حشد الدعم المالي اللازم لمشروع إعادة إعمار قطاع غزة. وأشار إلى أن التقديرات الأولية لتكلفة المرحلة الأولى من إعادة الإعمار تصل إلى 30 مليار دولار أمريكي، مما يعكس حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية والمناطق السكنية في القطاع.
تفاصيل الخطة وأهدافها
يهدف المؤتمر، الذي من المتوقع أن تستضيفه مصر قريباً، إلى جمع الحكومات والمنظمات الدولية والجهات المانحة لتأمين التعهدات المالية اللازمة للبدء في عملية إعادة بناء شاملة. تتجاوز التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار الكاملة على مدى عقد من الزمن هذا الرقم المبدئي، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن المبلغ قد يصل إلى 90 مليار دولار. ومع ذلك، تركز المرحلة الأولى التي تبلغ تكلفتها 30 مليار دولار على الأولويات الأكثر إلحاحًا.
تشمل الأهداف الرئيسية للمؤتمر ما يلي:
- الاستجابة الإنسانية العاجلة: توفير المساعدات الفورية للسكان المتضررين، بما في ذلك المأوى والغذاء والرعاية الصحية، بالإضافة إلى إزالة الأنقاض التي تقدر بملايين الأطنان.
- إعادة بناء البنية التحتية الحيوية: التركيز على إصلاح وتشييد المستشفيات والمدارس ومحطات تحلية المياه وشبكات الكهرباء والصرف الصحي التي تعرضت لدمار واسع.
- توفير السكن: بناء وحدات سكنية جديدة لإيواء مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم، حيث تشير التقارير إلى تدمير أو تضرر أكثر من 70% من المباني السكنية في غزة.
- الإنعاش الاقتصادي: دعم القطاعات الاقتصادية المتضررة وإعادة إحياء النشاط التجاري لخلق فرص عمل ومواجهة معدلات البطالة المرتفعة.
القيادة والتنسيق
أكد رئيس الوزراء محمد مصطفى مراراً على أن عملية إعادة الإعمار يجب أن تكون بقيادة فلسطينية. وتعني هذه الرؤية أن السلطة الفلسطينية ستتولى الإشراف على التخطيط وتنفيذ المشاريع لضمان توافقها مع الاحتياجات الفعلية للسكان وتطلعاتهم الوطنية. وتهدف هذه المقاربة إلى تمكين المؤسسات الفلسطينية وضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الأموال.
وعلى الصعيد الدولي، ستلعب مصر دوراً محورياً كدولة مضيفة ومنسقة للمؤتمر، بينما سيتم التعاون بشكل وثيق مع شركاء دوليين رئيسيين مثل البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الخليج. هذا التعاون ضروري لضمان التدفق السلس للمساعدات وتقديم الخبرات الفنية اللازمة لإنجاح هذا المشروع الضخم.
السياق والتحديات
يأتي هذا الإعلان في أعقاب دمار غير مسبوق شهده قطاع غزة نتيجة الصراع الأخير، والذي خلف أزمة إنسانية كارثية. وتُعد عملية إعادة الإعمار مهمة بالغة التعقيد لا تقتصر على الجانب المالي فقط، بل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع السياسي. حيث يرى العديد من المانحين الدوليين أن وجود وقف إطلاق نار دائم ومستقر، إلى جانب أفق سياسي واضح يفضي إلى حل الدولتين، يمثل شرطاً أساسياً لتقديم تعهدات مالية طويلة الأجل.
ومن بين التحديات الكبرى التي تواجه هذه المبادرة، تأمين المبلغ المستهدف بالكامل، ووضع آليات فعالة تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها ومنع تحويلها عن مسارها، بالإضافة إلى التعامل مع القيود المفروضة على إدخال مواد البناء والمعدات إلى القطاع. إن نجاح المؤتمر وخطط إعادة الإعمار يعتمد بشكل كبير على مدى التوافق السياسي الإقليمي والدولي لدعم استقرار غزة على المدى الطويل.





