الأمم المتحدة: إعادة إعمار غزة قد تكلف 70 مليار دولار وتستغرق عقوداً
في تقييم حديث صدر في أوائل مايو 2024، كشف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عن حجم التحديات الهائلة التي تواجه إعادة إعمار قطاع غزة، مقدراً التكلفة الأولية بما قد يصل إلى 70 مليار دولار أمريكي. وأوضح التقرير أن هذه المهمة لا تقتصر على التحديات المالية فحسب، بل تمتد لتشمل إطاراً زمنياً قد يستغرق عقوداً طويلة، مما يسلط الضوء على مستوى الدمار غير المسبوق الذي لحق بالبنية التحتية والمجتمع في القطاع.

تفاصيل التقييم الأولي للأضرار
قدم التقييم، الذي أعلنه المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية، عبد الله الدردري، أرقاماً تعكس عمق الأزمة. تتراوح التقديرات المالية الأولية لإعادة بناء ما تم تدميره بين 60 و 70 مليار دولار، وهو رقم مرشح للزيادة مع استمرار تقييم الأضرار بشكل كامل. ويغطي هذا المبلغ إعادة بناء المساكن والبنية التحتية الحيوية والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية.
من أبرز ما كشفه التقرير حجم الدمار المادي الهائل، والذي يتمثل في:
- تراكم ما يقدر بنحو 37 مليون طن من الركام والأنقاض في جميع أنحاء القطاع، وهي كمية تتطلب جهوداً لوجستية ضخمة لسنوات عديدة لإزالتها ومعالجتها.
- تدمير أو تضرر نسبة كبيرة جداً من الوحدات السكنية، حيث تشير التقديرات إلى أن مناطق مثل مدينة غزة شهدت تدمير ما يقارب 80% من مبانيها.
- انهيار شامل في الخدمات الأساسية، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي، ومحطات الكهرباء، بالإضافة إلى تضرر بالغ للمستشفيات والمدارس والطرق.
التأثيرات الإنسانية والتنموية
تجاوزت آثار الصراع الأضرار المادية لتحدث تراجعاً حاداً في مؤشرات التنمية البشرية. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، أدى الدمار إلى تراجع مؤشر التنمية البشرية في فلسطين بأكثر من 20 عاماً، مما محا عقوداً من التقدم في مجالات التعليم والصحة ومستوى المعيشة. وقد ارتفعت معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات قياسية، مما وضع غالبية السكان تحت خط الفقر وفاقم من الأزمة الإنسانية القائمة.
التحديات والإطار الزمني
أكد المسؤولون الأمميون أن عملية إعادة الإعمار بالطرق التقليدية قد تستغرق عدة عقود، وربما تمتد لثمانين عاماً إذا سارت بوتيرة بطيئة مشابهة لعمليات إعادة الإعمار السابقة في المنطقة. لا يكمن التحدي الأكبر في تأمين التمويل الدولي فحسب، بل في العوائق العملية والسياسية. وتشمل هذه التحديات ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وضمان الاستقرار السياسي، وتسهيل إدخال مواد البناء والمعدات اللازمة إلى القطاع عبر المعابر.
رؤية مستقبلية للإعمار
طرح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي رؤية تتجاوز مجرد إعادة البناء إلى ما كان عليه الوضع سابقاً، مركزاً على مفهوم "إعادة البناء بشكل أفضل". تتضمن هذه الرؤية تبني حلول مبتكرة لتسريع العملية، مثل استخدام المنازل الجاهزة لتوفير مأوى سريع للعائلات النازحة، مع التركيز على بناء بنية تحتية مرنة ومستدامة. ومع ذلك، تبقى كل هذه الخطط مرهونة بتوفر الإرادة السياسية الدولية والتمويل اللازم والوصول الآمن والمستمر إلى القطاع، لجعل هذه المهمة الضخمة ممكنة التحقيق.





